للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحاصلُ أنه قد ثبتَ عنهُ البولُ قائمًا وقاعدًا والكل سنةٌ، فقد رُويَ عن عبدِ اللَّهِ بن عمرَ (١) أنه كانَ يأتي تلكَ السُّباطة فيبولُ قائمًا، هذا إذا لم يصحَّ في البابِ إلا مجرَّدُ الأفعالِ، أما إذا صحَّ النهيُ عن البولِ حالَ القيامِ كما سيأتي من حديثِ جابر (٢): "أنه نهى أن يبولَ الرجلُ قائمًا" وجبَ المصيرُ إليه والعملُ بموجبِهِ، ولكنه يكونُ الفعلُ الذي صحَّ عنهُ صارِفًا للنهي إلى الكراهةِ على فرضِ جَهل التاريخِ أو تأخرِ الفِعْلِ، لأن لَفْظَ الرَّجُلِ يشملُهُ بطريقِ الظهورِ فيكونُ فعلُه صالحًا للصرفِ لكونهِ وقعَ بمحضَرِ منَ الناسِ، فالظاهرُ أنه أرادَ التشريعَ، ويعضدهُ نهيهُ لعمرَ، وإن كانَ فيهِ ما سلفَ. وقد صرَّحَ أبو عوانةَ في صحيحهِ (٣) وابنُ شاهينَ (٤) بأنَّ البولَ عن قيامٍ منسوخٌ، واستدلَّا عليه بحديثِ عائشةَ السابقِ (٥) وبحديثها أيضًا: "ما بالَ قائمًا منذُ أُنزِلَ عليهِ القرآنُ" رواه أبو عوانة في صحيحه (٦) والحاكم (٧).

قال الحافظ (٨): "والصوابُ أنه غيرُ منسوخٍ. والجوابُ عن حديثِ عائشةَ أنهُ مستنِدٌ إلى علْمِها فيُحمَلُ على ما وقَعَ منهُ في البيوتِ، وأما في غيرِ البيوتِ فلم تطَّلِعْ هيَ عليهِ. وقد حفظَهُ حذيفةُ وهو مِنْ كبارِ الصحابةِ، وقد بيَّنَّا أن ذلكَ كانَ بالمدينة فتضمنَ الردَّ على ما نفتْهُ من أنَّ ذلكَ لم يقعْ بعدَ نزولِ القرآنِ.


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٦٥) بسند صحيح.
(٢) رقم (٢٥/ ٩٩) من كتابنا هذا.
(٣) (١/ ١٩٨).
(٤) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" ص ٧٩.
(٥) رقم (٢٤/ ٩٨) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح.
(٦) (١/ ١٩٨).
(٧) في المستدرك (١/ ١٨١).
قلت: وأخرجه أحمد (٦/ ١٣٦، ١٩٢) والبيهقي (١/ ١٠١).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وافقه الذهبي.
وتعقبهما الألباني في "الصحيحة" (١/ ٣٩١) بقوله: "وفيه نظر؛ فإن المقدام بن شريح وأباه لم يحتج بهما البخاري؛ فهو على شرط مسلم وحده".
وقال الذهبي في "المهذب في اختصار السنن الكبير" (١/ ١٢١ رقم ٣٨٩):
"قلت: سنده صحيح".
وخلاصة القول أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(٨) في "فتح الباري" (١/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>