للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبيَّ انتهى إلى سُباطَةِ قومٍ فبالَ قائمًا"، ولا شك أن الغالبَ من فعلِهِ هو القعودُ، والظاهرُ أن بولَهُ قائمًا لبيانِ الجوازِ، وقيلَ: إنَّما فعلَهُ لوجَعٍ كانَ بمأبضهِ، ذَكَرهُ ابنُ الأثيرِ في النهايةِ (١). وروى الحاكم (٢) والترمذي (٣) من حديثِ أبي هريرةَ قال: "إنما بالَ قائمًا لِجُرْحٍ كان في مأبضِهِ". قال الحافظُ (٤): "ولو صحَّ هذا الحديثُ لكان فيه غنىً، لكن ضعَّفَهُ الدارقطني والبيهقيُّ".

والمأبِضُ: باطنُ الركبة (٥).

وقيلَ: فعلَهُ استِشْفاءَ كما سيأتي عن الشافعيِّ (٦).

وقيلَ: لأن السُّباطة رِخوةٌ يتخللُهَا البولُ فلا يرتدُّ إلى البائلِ منهُ شيءٌ.

وقيلَ: إنما بالَ قائمًا لكونِها حالةً يُؤمنُ مَعَها خُروجُ الريحِ بصوتٍ، ففعل [ذاكَ] (٧) لكونِه قريبًا مِنَ الديارِ، ويؤيدهُ ما رواهُ عبدُ الرزاقِ (٨) عن عمرَ قال: "البولُ قائمًا أحصَنُ للدبُرِ". قالَ ابنُ القيم في الهدي (٩): "والصحيحُ إنما فعلَ ذلكَ تنزُّها وبُعدًا من إصابةِ البولِ فإنهُ إنما فعل هذا لمَّا أتى سُباطةَ قومٍ - وهو ملقى الكُناسةِ - وتُسمَّى المِزْبَلةُ، وهي تكونُ مرتفعةً، فلو بالَ فيها الرجل قاعدًا لارتد عليهِ بولُه". وهو استَتَر بها وجعلَها بينَه وبينَ الحائطِ، فلم يكنْ بدٌّ مِنْ بولِهِ قائمًا، ولا يخفى ما في هذا الكلامِ من التكلفِ.


(١) النهاية في غريب الحديث (١/ ١٥).
(٢) في المستدرك (١/ ١٨٢) وقال: هذا حديث صحيح تفرد به حمَّاد بن غسان، ورواته كلهم ثقات، وتعقبه الذهبي بقوله: حمَّاد ضعَّفه الدارقطني.
(٣) لم أعثر عليه في السنن. قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١/ ١٠١).
(٤) في "فتح الباري" (١/ ٣٣٠).
قلت: بل الحديث ضعيف. انظر: "الإرواء" رقم (٥٨).
(٥) النهاية (١/ ١٥).
(٦) ذكره البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٠١) والبغوي في "شرح السنة" (١/ ٣٨٧) عن الشافعي.
(٧) في (ب): (ذلك).
(٨) لم أجده في مصنف عبد الرزاق. بل أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٠٢) عن عمر.
(٩) (١/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>