للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المصدق، فالأكثر على أنه بالتشديد، والمراد المالك وهذا اختيار أبي عبيد (١).

وتقدير الحديث: لا تؤخذ هرمة ولا ذات عيب أصلًا، ولا يأخذ التيس إلا برضا المالك لكونه محتاجًا إليه، ففي أخذه بغير اختياره إضرار به، وعلى هذا فالاستثناء مختص بالثالث.

ومنهم من ضبطه بتخفيف الصاد وهو الساعي، وكأنه أشير بذلك إلى التفويض إليه في اجتهاده لكونه يجري مجرى الوكيل فلا يتصرف بغير المصلحة فيتقيد بما تقتضيه القواعد، وهذا قول الشافعي (٢) انتهى.

قوله: (ولا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة).

قال في الفتح (٣): قال مالك في الموطأ (٤): معنى هذا أن يكون النفر الثلاثة لكل واحد منهم أربعون شاة وجبت فيها الزكاة فيجمعونها حتى لا يجب عليهم كلهم فيها إلا شاة واحدة، أو يكون للخليطين مائتا شاة وشاة فيكون عليهما فيها ثلاث شياه، فيفرقونها حتى لا يكون على كل واحد منهما إلا شاة واحدة.

وقال الشافعي (٥): هو خطاب لرب المال من جهة والساعي من جهة، فأمر كل واحد منهما ألَّا يحدث شيئًا من الجمع والتفريق خشية الصدقة، فرب المال يخشى أن تكثر الصدقة فيجمع أو يفرق لتقل، والساعي يخشى أن تقل الصدقة فيجمع أو يفرق لتكثر، فمعنى قوله: "خشية الصدقة" أي خشية أن تكثر أو تقل؛ فلما كان محتملًا للأمرين لم يكن الحمل على أحدهما أولى من الآخر، فحمل عليهما معًا، لكن الذي يظهر أن حمله على المالك أظهر.

واستدل به على أنه من كان عنده دون النصاب من الفضة ودون النصاب من الذهب مثلًا أنه لا يجب ضم بعضه إلى بعض حتى يصير نصابًا كاملًا فيجب عليه فيه الزكاة.


(١) في "الغريبين" (٣/ ١٠٦٨).
(٢) الأم (٣/ ٢٧).
(٣) (٣/ ٣١٤ رقم الباب ٣٤ - مع الفتح).
(٤) (١/ ٢٥٩).
(٥) في الأم (٣/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>