للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروي عن الشافعي (١) أن الرجل قد يكون غنيًا بالدرهم مع الكسب ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام (٢): هو من وجد أربعين درهمًا، واستدل بحديث أبي سعيد الآتي (٣) بلفظ: "وله قيمة أوقية"، لأن الأربعين الدرهم قيمة الأوقية.

وقيل: هو من لا يكفيه غلة أرضه للسنة، حكاه في البحر (٤) عن أبي طالب والمرتضى.

قوله: (ولا لذي مرة سويّ)، المِرّة بكسر الميم وتشديد الراء، قال الجوهري (٥): المرّة: القوة وشدّة العقل أيضًا، ورجل [قوي] (٦) مرير: أي قوي ذو مِرَّة.

وقال غيره: المِرّة: القوّة على الكسب والعمل، وإطلاق المِرَّة هنا وهي القوة مقيد بالحديث الذي بعده، أعني قوله: "ولا لقوي مكتسب"، فيؤخذ من الحديثين أن مجرد القوة لا يقتضي عدم الاستحقاق إلا إذا قرن بها الكسب.

وقوله: "سويّ" أي مستوي الخلق، قاله الجوهري (٧)، والمراد استواء الأعضاء وسلامتها.

قوله: (جلْدين) بإسكان اللام: أي قويين شديدين.

قال الجوهري (٨): الجلْد بفتح اللام: هو الصلابة والجلادة، تقول منه: جلُد الرجل بالضم فهو جلْد، يعني بإسكان اللام، وجليد بين الجلد والجلادة.

قوله: (مكتسب) أي يكتسب قدر كفايته.

وفيه دليل على أنه يستحب للإمام أو المالك: الوعظ والتحذير وتعريف الناس بأن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي قوة على الكسب كما فعل رسول الله ويكون ذلك برفق.


(١) في الأم (٣/ ١٨٦).
(٢) في غريب الحديث (١/ ١٨٩).
(٣) برقم (١٥٨٧) من كتابنا هذا.
(٤) البحر الزخار (٢/ ١٨٦).
(٥) في الصحاح (٢/ ٨١٥).
(٦) زيادة من المخطوط (ب).
(٧) في الصحاح (٦/ ٢٣٨٥).
(٨) في الصحاح (٢/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>