للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحاصل أن تحريم الزكاة على بني هاشم معلوم من غير فرق أن يكون المزكي هاشميًا أو غيره، فلا يتفق من المعاذير عن هذا [المحرّم] (١) المعلوم إلا ما صحّ عن الشارع؛ لا ما لفَّقه الواقعون في هذه الورطة من الأعذار الواهية التي لا تخلص، ولا ما لم يصحّ من الأحاديث المروية في التخصيص، ولكثرة أكلة الزكاة من آل هاشم في بلاد اليمن خصوصًا أرباب الرياسة، قام بعض العلماء منهم في الذب عنهم، وتحليل ما حرم الله عليهم مقامًا لا يرضاه الله ولا نقاد العلماء، فألف في ذلك رسالة هي في الحقيقة كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا وصار يتسلَّى بها أرباب النباهة منهم.

وقد يتعلل بعضهم بما قاله البعض منهم: إن أرض اليمن خراجية، وهو لا يشعر أن هذه المقالة مع كونها من أبطل الباطلات ليست مما يجوز التقليد فيه على مقتضى أصولهم، فالله المستعان، ما أسرع الناس إلى متابعة الهوى وإن خالف ما هو معلوم من الشريعة المطهرة.

واعلم أن ظاهر قوله: "لا تحل لنا الصدقة"، عدم حل صدقة الفرض والتطوّع، وقد نقل جماعة منهم الخطابي (٢) الإجماع على تحريمها عليه . وتُعقِّب بأنه قد حكى غير واحد عن الشافعي في التطوّع قولًا. وكذا في رواية عن أحمد.

وقال ابن قدامة (٣): ليس ما نقل عنه من ذلك بواضح الدلالة.


(١) زيادة من المخطوط (أ).
(٢) في "معالم السنن" (٢/ ٢٩٩ - مع السنن).
(٣) في "المغني" (٤/ ١١٣).
قال ابن قدامة: "ويجوزُ لذوي القُربى الأخذ من صدقة التطوع. قال أحمد: في رواية ابن القاسم: إنما لا يُعطَوْنَ من الصدقةِ، فأمَّا التطوع، فلا.
وعن أحمد رواية أخرى: أنهم يُمنعون صدقة التطوع أيضًا؛ لعموم قولِه : "إنا لا تحلُّ لنا الصدقة". والأول أظهر؛ فإن النبي قال: "المعروفُ كُلّه صدقة"، متفق عليه. وقال الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾ [المائدة: ٤٥]، وقال تعالى: ﴿فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠)﴾ [البقرة: ٢٨٠].
ولا خلاف في إباحة المعروف إلى الهاشمي، والعفو عنه، وإنظارِه. وقال إخوةُ يوسف: ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ [يوسف: ٨٨]. والخبر أريد به صدقةُ الفرض؛ لأن الطلب كان لها، والألف واللَّام تعود إلى المعهود. =

<<  <  ج: ص:  >  >>