للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الاستدلال بالقياس فغير صحيح؛ لأنه قياس مع الفارق، إذ وجوب الفطرة متعلق بالأبدان، والزكاة بالأموال.

وقال مالك والشافعي (١) وعطاء (٢) وأحمد بن حنبل (٣) وإسحق (٤) والمؤيد بالله (٥) في أحد قوليه: إنه يعتبر أن يكون مخرج الفطرة مالكًا لقوت يوم وليلة لما تقدم من أنها طهرة للصائم. ولا فرق بين الغني والفقير في ذلك.

ويؤيد ذلك ما تقدم من تفسيره من لا يحل له السؤال بمن: يملك ما يغدّيه ويعشيه، وهذا هو الحق؛ لأن النصوص أطلقت ولم تخص غنيًا ولا فقيرًا، ولا مجال للاجتهاد في تعيين المقدار الذي يعتبر أن يكون مخرج الفطرة مالكًا له، لا سيما العلة التي شرعت لها الفطرة موجودة في الغني والفقير، وهي التطهرة من اللغو والرفث، واعتبار كونه واجدًا لقوت يوم وليلة أمر لا بد منه.

لأنه المقصود من شرع الفطرة إغناء الفقراء في ذلك اليوم كما أخرجه البيهقي (٦)


(١) قال النووي في "المجموع" (٦/ ٦٧): "ذكرنا أن مذهبنا - الشافعية - أنه يشترط أن يملك فاضلًا عن قوته وقوت من يلزمه نفقته ليلة العيد ويومه.
حكاه العبدري عن أبي هريرة، وعطاء، والشعبي، وابن سيرين، وأبي العالية، والزهري، ومالك، وابن المبارك، وأحمد، وأبي ثور.
وقال أبو حنيفة: لا تجب إلا على من يملك نصابًا من الذهب أو الفضة، أو ما قيمة نصاب فاضلًا عن مسكنه وأثاثه الذي لا بد منه.
قال العبدري: ولا يحفظ هذا عن أحد غير أبي حنيفة.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن من لا شيء له فلا فطرة عليه" اهـ.
(٢) انظر: التعليقة السابقة والتعليقة اللاحقة.
(٣) قال ابن قدامة في "المغني" (٤/ ٣٠٧):
"إن صدقة الفِطر واجبة على من قدر عليها، ولا يُعتبر في وجُوبها نصاب.
وبهذا قال أبو هريرة، وأبو العالية، والشعبي، وعطاء، وابن سيرين، والزُّهري، ومالك، وابن المبارك والشافعي، وأبو ثور.
وقال أصحاب الرأي: لا تجب إلا على من يملك مائتي درهم، أو ما قيمتُه نصاب فاضلًا عن مسكنه … " اهـ.
(٤) انظر: التعليقة السابقة.
(٥) البحر الزخار (٢/ ١٩٨).
(٦) في السنن الكبرى (٤/ ١٧٥) وقد تقدم في نهاية شرح الحديث (٤١/ ١٦٢٢) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>