للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفرق آخرون بين من يملك نفسه ومن لا يملك. واستدلوا بحديث عائشة المذكور في الباب (١) وبه قال سفيان والشافعي (٢)، ولكنه ليس إلا قول لعائشة، نعم نهيه للشاب وإذنه للشيخ يدل على أنه لا يجوز التقبيل لمن خشي أن تغلبه الشهوة وَظَنَّ أنه لا يملك نفسه عند التقبيل، ولذلك ذهب قوم إلى تحريم التقبيل على من كان تتحرك به شهوته، والشاب مظنة لذلك.

ويعارض حديث أبي هريرة (١) ما أخرجه النسائي (٣) عن عائشة قالت: "أهوى النبيّ ليقبلني، فقلت: إني صائمة، فقال: وأنا صائم فقبَّلني"، وعائشة كانت شابة حينئذ.

إلا أن يكون حديث أبي هريرة مختصًا بالرجال ولكنه بعيد؛ لأن الرجال والنساء سواء في هذا الحكم.

ويمكن أن يقال: إن النبيّ علم من حال عائشة أنها لا تتحرك شهوتها بالتقبيل.

وقد أخرج ابن حبان في صحيحه (٤): "أنه كان لا يمس شيئًا من وجهها وهي صائمة"، فدل على أنه كان يجنبها ذلك إذا صامت تنزيهًا منه لها عن تحرك الشهوة لكونها ليست مثله.

وقد دل حديث عمرو بن أبي سلمة (٥) المذكور على جواز التقبيل للصائم من غير فرق بين الشاب وغيره.


(١) برقم (١٦/ ١٦٥٧) من كتابنا هذا.
(٢) قال الشافعي في "الأم" (٤/ ٢٤٧): "وهذا عندي - والله أعلم - على ما وصفت، ليس اختلافًا منهم، لكن على الاحتياط، لئلا يشتهي فيُجامع، وبقدر ما يُرَى من السائل أو يُظَنُّ به" اهـ.
(٣) في السنن الكبرى (٣/ ٢٩٣ رقم ٣٠٣٨).
(٤) في صحيحه رقم (٣٥٤٦).
قلت: وأخرج أحمد في المسند (٦/ ١٦٢) و (٦/ ٢١٣).
عن عائشة أم المؤمنين قالت: ما كان رسولُ الله يمتنعُ من شيء من وجهي وهو صائم.
وهو حديث صحيح.
(٥) تقدم برقم (١٦٥٨) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>