للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث أبي هريرة (١) أخص منه فيبنى العامّ على الخاص.

واحتج من قال بتحريم التقبيل والمباشرة مطلقًا بقوله تعالى: ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾ (٢)، قالوا: فمنع من المباشرة في هذه الآية نهارًا.

وأجيب عن ذلك بأن النبي هو المبين عن الله تعالى، وقد أباح المباشرة نهارًا، فدلّ على أن المراد بالمباشرة في الآية: الجماع لا ما دونه من قبلة ونحوها.

وغاية ما في الآية أن تكون عامة في كل مباشرة مخصصة بما وقع منه وما أذن به.

والمراد بالمباشرة المذكورة في الحديث ما هو أعم من التقبيل ما لم يبلغ إلى حد الجماع، فيكون قوله: "كان يقبّل ويباشر" من ذكر العامّ بعد الخاصّ؛ لأن المباشرة في الأصل التقاء البشرتين.

ووقع الخلاف فيما إذا باشر الصائم أو قبّل أو نظر فأنزل أو أمذى، فقال الكوفيون (٣) والشافعي (٤): يقضي إذا أنزل في غير النظر، ولا قضاء في الإمذاء.


(١) تقدم برقم (١٦٥٩) من كتابنا هذا.
(٢) سورة البقرة: الآية (١٨٧).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (٤/ ١٥١).
(٤) قال النووي في "المجموع" (٦/ ٣٤٩ - ٣٥٠):
(الرابعة): إذا نظر إلى امرأة ونحوه وتلذذ فأنزل لم يفطر، سواء كرر النظر أم لا، وهذا لا خلاف فيه عندنا - أي الشافعية - إلا وجهًا شاذًا حكاه السرخسي في الأمالي أنه إذا كرر النظر فأنزل بطل صومه، والمذهب الأول.
وبه قال أبو الشعثاء جابر بن زيد التابعي، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، وأبو ثور.
وحكى ابن المنذر عن الحسن البصري هو كالجماع، فيجب القضاء والكفارة، ونحوه عن الحسن بن صالح. وعن مالك روايتان: (إحداهما): كالحسن. و (الثانية): إن تابع النظر فعليه القضاء والكفارة، وإلا فالقضاء.
قال ابن المنذر: لا شيء عليه، ولو احتاط فقضى يومًا فحسن.
قال صاحب الحاوي: أما إذا فكر بقلبه من غير نظر فتلذذ فأنزل فلا قضاء عليه، ولا كفارة بالإجماع. قال: وإذا كرر النظر فأنزل أثم، وإن لم يجب القضاء.
(فرع): لو قبل امرأة وتلذذ فأمذى ولم يمنِ لم يفطر عندنا - أي الشافعية - بلا خلاف. =

<<  <  ج: ص:  >  >>