للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عدلوا به عن الصفة غلبت عليه الاسمية فامتنعوا عن الموصوف فحذفوا الليلة، فصار هذا اللفظ عَلَمًا على اليوم العاشر.

وذكر أبو منصور الجواليقي (١) أنه لم يسمع فاعولاء إلا هذا، وضاروراء وساروراء وذالولاء من الضارّ والسارّ والذال.

قال الزين ابن المنيِّر (١): الأكثر على أن عاشور هو اليوم العاشر من شهر الله المحرّم وهو مقتضى الاشتقاق والتسمية.

وقيل: هو اليوم التاسع، فعلى الأول اليوم مضاف لليلة الماضية، وعلى الثاني هو مضاف لليلة الآتية.

وقيل إنما سمي يوم التاسع عاشوراء أخذًا من أوراد الإبل كانوا إذا رعوا الإبل ثمانية أيام ثم أوردوها في التاسع قالوا: وردنا عِشرًا بكسر العين.

وروى مسلم (٢) من حديث الحكم بن الأعرج: "انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه، فقلت: أخبرني عن يوم عاشوراء، قال: إذا رأيت هلال المحرّم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائمًا، فقلت: أهكذا كان النبيّ يصوم؟ قال: نعم".

وهذا ظاهره أن يوم عاشوراء هو التاسع انتهى كلام الفتح.

وقد تأول قول ابن عباس هذا الزين ابن المنير بأن معناه أنه ينوي الصيام في الليلة المتعقبة للتاسع، وقواه الحافظ (٣) بحديث ابن عباس الآتي (٤): "أنه قال: إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا التاسع"، فلم يأت العام المقبل حتى توفي، قال: فإنه ظاهر في أنه كان يصوم العاشر وهمَّ بصوم التاسع فمات قبل ذلك.

وأقول: الأولى أن يقال: إن ابن عباس أرشد السائل له إلى اليوم الذي يصام فيه وهو التاسع ولم يجب عليه بتعيين يوم عاشوراء أنه اليوم العاشر؛ لأن ذلك مما لا يُسأل عنه ولا يتعلق بالسؤال عنه فائدة، فابن عباس لمّا فهم من


(١) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٤/ ٢٤٥).
(٢) في صحيحه رقم (١٣٣/ ١١٣٢).
(٣) في "الفتح" (٤/ ٢٤٥).
(٤) برقم (١٧/ ١٧٢١) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>