للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن التين (١): وقع الاختلاف في مواطن بحسب السائلين.

وقال المنذري (٢): يحتمل أن يقال إن اليوم المفرد والليلة المفردة بمعنى اليوم والليلة، يعني فمن أطلق يومًا أراد بليلته أو ليلة أراد بيومها.

قال: ويحتمل أن يكون هذا كله تمثيلًا لأوائل الأعداد، فاليوم أول العدد، والاثنان أول التكثير، والثلاث أول الجمع.

ويحتمل أن يكون ذكر الثلاث قبل ذكر ما دونها، فيؤخذ بأقل ما ورد من ذلك، وأقله الرواية التي فيها ذكر البريد كما في رواية أبي هريرة (٣) المذكورة في الباب، وقد أخرجها الحاكم (٤) والبيهقي (٥).

وقد ورد في حديث ابن عباس عند الطبراني (٦) ما يدلّ على اعتبار المحرم فيما دون البريد، ولفظه: "لا تسافر المرأة ثلاثة أميال إلا مع زوج أو ذي محرم".

وهذا هو الظاهر: أعني الأخذ بأقل ما ورد لأن ما فوقه منهي عنه بالأولى، والتنصيص على ما فوقه كالتنصيص على الثلاث واليوم والليلة واليومين والليلتين لا ينافيه لأن الأقل موجود في ضمن الأكثر، وغاية الأمر أن النهي عن الأكثر يدل بمفهومه على أن ما دونه غير منهيّ عنه، والنهي عن الأقل منطوق وهو أرجح من المفهوم.

وقالت الحنفية (٧): إن المنع مقيد بالثلاث لأنه متحقق، وما عداه مشكوك فيه فيؤخذ بالمتيقن.

ونوقض بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر فينبغي الأخذ بها وطرح ما


(١) في "الفتح" (٤/ ٧٥): ابن المنير.
(٢) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٤/ ٧٥).
(٣) عند أبي داود رقم (١٧٢٥) وهو حديث شاذ تقدم آنفًا.
(٤) في المستدرك (١/ ٤٤٢) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٥) في السنن الكبرى (٣/ ١٣٩).
(٦) في المعجم الكبير (ج ١٢/ رقم ١٢٦٥٢). من رواية جويبر عن الضحاك وكلاهما ضعيف، والضحاك لم يسمع من ابن عباس، وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(٧) البناية في شرح الهداية (٤/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>