للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أحدها): أنهما أرادا اختصاص وجوب ذلك بالصحابة، وهو قول ابن تيمية حفيد المصنف، لا مجرّد الجواز والاستحباب فهو للأمة إلى يوم القيامة.

(وثانيها): أنه ليس لأحد بعد الصحابة أن يبتدئ حجًا قارنًا أو مفردًا بلا هدي يحتاج معه إلى الفسخ، ولكن فرض عليه أن يفعل ما أمر به النبيّ وهو التمتع لمن لم يسق الهدي والقران لمن ساقه، وليس لأحد بعدهم أن يحرم بحجة مفردة ثم يفسخها ويجعلها متعة، وإنما ذلك خاص بالصحابة، وهذان المحملان يعارضان ما حمل المانعون كلامهما عليه من أن المراد أن الجواز مختص بالصحابة إذا لم يكن منهما مرادًا لهم وهما راجحان عليه، وأقل الأحوال أن يكونا مساويين له فتسقط معارضة الأحاديث الصحيحة به.

وأما ما في صحيح مسلم (١) عن أبي ذرّ من أن المتعة في الحجّ كانت لهم خاصة فيردّه إجماع المسلمين على جوازها إلى يوم القيامة، فإن أراد بذلك متعة الفسخ ففيه تلك الاحتمالات.

ومن جملة ما احتجّ به المانعون من الفسخ أن مثل ما قاله عثمان وأبو ذرّ لا يقال بالرأي.

ويجاب بأن هذا من مواطن الاجتهاد، ومما للرأي فيه مدخل، على أنه قد ثبت في الصحيحين (٢) عن عمران بن حصين أنه قال: "تمتعنا مع رسول الله ونزل القرآن فقال رجل برأيه ما شاء"، فهذا تصريح من عمران أن المنع من التمتع بالعمرة إلى الحجّ من بعض الصحابة إنما هو من محض الرأي، فكما أن المنع من التمتع على العموم من قبيل الرأي كذلك دعوى اختصاص التمتع الخاصّ أعني الفسخ بجماعة مخصوصة.

ومن جملة ما تمسك به المانعون من الفسخ حديث عائشة المتقدم (٣) حيث قالت: "خرجنا مع رسول الله في حجة الوداع، فمنا من أهلّ


(١) في صحيحه رقم (١٦٠/ ١٢٢٤) وقد تقدم.
(٢) البخاري رقم (١٥٧١) ومسلم رقم (١٧٠/ ١٢٢٦).
(٣) برقم (١٨٣٨) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>