للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (تزدلفن) (١) أي تقتربن، وأصل الدال تاء ثم أبدلت منها، ومنه المزدلفة لاقترابها إلى عرفات، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠)(٢) وفي هذه معجزة ظاهرة لرسول الله حيث تسارع إليه الدواب التي لا تعقل لإراقة دمها تبركًا به، فيا لله العجب من هذا النوع الإنساني، كيف يكون هذا النوع البهيمي أهدى من أكثره وأعرف؟ تَقْرُب إليه هذه العُجم لإزهاق أرواحها وفري أوداجها، وتتنافس في ذلك وتتسابق إليه مع كونها لا ترجو جنة ولا تخاف نارًا، ويبعد ذلك الناطق العاقل عنه مع كونه ينال بالقرب منه النعيم الآجل والعاجل ولا يصيبه ضرر في نفس ولا مال، حتى قال القائل مظهرًا لشدة حرصه على قتل المصطفى: أين محمد (٣) لا نجوت إن نجا، وأراق الآخر دمه وكسر ثنيته (٤)، فانظر إلى هذا التفاوت الذي يضحك منه إبليس، ولأمر ما كان الكافر شر الدواب عند الله.

قوله: (فلما وجبت جنوبها) (٥) أي: سقطت إلى الأرض جنوبها، والوجوب: السقوط.

قوله: (من شاء اقتطع) أي من شاء أن يقتطع منها فليقتطع، هذا محل الحجة على جواز انتهاب الهدي والأضحية.


(١) القاموس المحيط ص ١٠٥٥، وتفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي (٧٧/ ٣٤).
(٢) سورة الشعراء: الآية (٩٠).
(٣) قاله أبي بن خلف كما في "السيرة النبوية" لابن هشام (٣/ ١٢١ - ١٢٢).
(٤) أخرج البخاري رقم (٤٠٧٥) ومسلم رقم (١٧٩٠) وأحمد في المسند (٥/ ٣٣٠، ٥٣٤) وابن ماجه رقم (٣٤٦٤).
من حديث سهل بن سعد الساعدي ، قال: "حين سئل عن جرح الرسول يوم أحد - جرح وجه رسول الله وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة بنت رسول الله تغسل الدم، وكان علي بن أبي طالب يسكب عليها بالمجن، فلما رأت فاطمة الماء لا يزيد الدم إلا كثرة، أخذت قطعة من حصير فأحرقته حتى صار رمادًا ثم ألصقته بالجرح، فاستمسك الدم"، واللفظ لمسلم.
(٥) الفائق في غريب الحديث (٤/ ٤٣).
وغريب الحديث للهروي (٢/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>