للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجلب الطعام يكون في الغالب راكبًا، وحكم الجالب الماشي حكم الراكب.

ويدل على ذلك حديث أبي هريرة المذكور (١)، فإن فيه النهي عن تلقي الجلب من غير فرق. وكذلك حديث ابن مسعود (٢) المذكور فإن فيه النهي عن تلقي البيوع.

قوله: (الجَلَب) (٣) بفتح اللام مصدر بمعنى اسم المفعول المجلوب، يقال: جلب الشيء جاء به من بلد إلى بلد للتجارة.

قوله: (بالخيار) اختلفوا هل يثبت له الخيار مطلقًا، أو بشرط أن يقع له في البيع غبن؟ ذهبت الحنابلة (٤) إلى الأوّل وهو الأصح عند الشافعية (٥)، وهو الظاهر، وظاهره أن النهي لأجل منفعة البائع وإزالة الضرر عنه وصيانته ممن يخدعه.

قال ابن المنذر (٦): وحمله مالك (٧) على نفع أهل السوق لا على نفع رب السلعة، وإلى ذلك جنح الكوفيون والأوزاعي قال: والحديث حجة للشافعي لأنه أثبت الخيار للبائع لا لأهل السوق، اهـ.

وقد احتج مالك (٧) ومن معه بما وقع في رواية من النهي عن تلقي السلع حتى تهبط الأسواق، وهذا لا يكون دليلًا لمدعاهم، لأنه يمكن أن يكون ذلك رعاية لمنفعة البائع، لأنها إذا هبطت الأسواق عرف مقدار السعر فلا يخدع، ولا مانع من أن يقال: العلة في النهي مراعاة نفع البائع ونفع أهل السوق.

واعلم أنه لا يجوز تلقيهم للبيع منهم كما لا يجوز للشراء منهم، لأن العلة التي هي مراعاة نفع الجالب أو أهل السوق أو الجميع حاصلة في ذلك.


(١) تقدم برقم (٥١/ ٢٢٠٨) من كتابنا هذا.
(٢) تقدم برقم (٥٠/ ٢٢٠٧) من كتابنا هذا.
(٣) النهاية (١/ ٢٧٦) والمجموع المغيث (١/ ٣٣٨).
(٤) المغني (٦/ ٣١٣).
(٥) الأم (١٠/ ١٤٨ - ١٤٩ - اختلاف الحديث). ومعرفة السنن والآثار (٨/ ١٦٧).
(٦) حكاه الحافظ في "الفتح" (٤/ ٣٧٤).
(٧) بداية المجتهد (٣/ ٣١٩) وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٤/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>