للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ومنها) أن يعري [عامل] (١) الصدقة، لصاحب الحائط من [حائطه] (٢) نخلات معلومة لا يخرصها في الصدقة، وهاتان الصورتان من العرايا لا بيع فيهما، وجميع هذه الصور صحيحة عند الشافعي (٣) والجمهور. وقصر مالك (٤) العرية في البيع على الصورة الثانية، وقصرها أبو عبيد (٥) على الصورة الأخيرة من صور البيع [وزاد أنه] (٦) رخص لهم أن يأكلوا الرطب ولا يشترونه لتجارة ولا ادخار.

ومنع أبو حنيفة (٧) صور البيع كلها، وقصر العرية على الهبة وهي أن يعري الرجل الرجل ثمر نخلة من نخله ولا يسلم ذلك، ثم يبدو له أن يرتجع تلك الهبة فرخص له أن يحتبس ذلك ويعطيه بقدر ما وهبه له من الرطب بخرصه تمرًا.

وحمله على ذلك أخذه بعموم النهي عن بيع التمر بالتمر.

وتُعُقِّب بالتصريح باستثناء العرايا في الأحاديث.

قال ابن المنذر (٨): الذي رخَّص في العريَّة هو الذي نهى عن بيع التمر بالتمر في لفظ واحد من رواية جماعة من الصحابة.

قال: ونظير ذلك الإذن في السَّلَم مع قوله : "لا تبع ما ليس عندك" (٩).

قال: ولو كان المراد الهبة ما استثنيت العرية من البيع ولأنه عبر بالرخصة والرخصة لا تكون إلا في شيء ممنوع، والمنع إنما كان في البيع لا الهبة وبأنها قيدت بخمسة أوسق والهبة لا تتقيد.

وقد احتج أصحاب أبي حنيفة لمذهبه بأشياء تدل على أن العريَّة العطية،


(١) في المخطوط (ب): (صاحب).
(٢) في المخطوط (ب): (حائط).
(٣) الأم (٤/ ١١٤).
(٤) عيون المجالس (٣/ ١٤٥٧ - ١٤٥٩) وبداية المجتهد (٣/ ٤١٣).
(٥) في غريب الحديث للهروي (١/ ٢٣١).
(٦) في المخطوط (أ): (وأراد به).
(٧) في البناية شرح الهداية (٧/ ٣٢٢).
(٨) حكاه عنه ابن قدامة في "المغني" (٦/ ١٢٠) والحافظ في الفتح (٤/ ٣٩٢).
(٩) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٤٠٢) وأبو داود رقم (٣٥٠٣) والترمذي رقم (١٢٣٢) وقال: حديث حسن. والنسائي رقم (٤٦١٣) وابن ماجه رقم (٢١٨٧).
من حديث حكيم بن حزام وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>