للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا حجة في شيء منه. لأنه لا يلزم من كون أصل العريَّة العطية أن لا تطلق شرعًا على صور أخرى.

وقالت الهادوية (١) وهو وجه في مذهب الشافعي (٢): إن رخصة العرايا مختصة بالمحاويج الذين لا يجدون رطبًا فيجوز لهم أن يشتروا منه بخرصه تمرًا.

واستدلوا بما أخرجه الشافعي (٣) في "مختلف الحديث" عن زيد بن ثابت أنه سمى رجالًا محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله ولا نقد في أيديهم يبتاعون به رطبًا ويأكلون مع الناس وعندهم فضول قوتهم من التمر، فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر.

ويجاب عن دعوى اختصاص العرايا بهذه الصورة.

أما أولًا: فبالقدح في هذا الحديث، فإنه أنكره محمد بن داود الظاهري على الشافعي.

وقال ابن حزم (٤): لم يذكر الشافعي له إسنادًا فبطل.

وأما ثانيًا: فعلى تسليم صحته لا منافاة بينه وبين الأحاديث الدالة على أن العرية أعم من الصورة التي اشتمل عليها.

والحاصل أن كلَّ صورة من صور العرايا ورد بها حديثٌ صحيحٌ، أو ثبتت عن أهل الشرع، أو أهل اللغة فهي جائزة لدخولها تحت مطلق الإذن، والتنصيص


(١) البحر الزخار (٣/ ٣٤١) وشفاء الأوام (٢/ ٤٢٠ - ٤٢١).
(٢) الأم (٤/ ١١٤).
(٣) الأم (١٠/ ٢٦٩ رقم ٣١٦ - مختلف الحديث).
وأورده ابن قدامة في كتابه "الكافي" (٢/ ٦٤) وقال: متفق عليه. وتعقبه ابن عبد الهادي في "التنقيح" (٢/ ٥٤٣) حيث قال: "كذا قال: قلت: وهو وهم، فإن هذا الحديث لم يخرج في الصحيحين، ولا في السنن، وليس لمحمود بن لبيد رواية عن زيد في شيء من الكتب الستة.
قال شيخنا الحافظ: بل وليس هذا الحديث في مسند أحمد، ولا في السنن الكبير للبيهقي، وقد فتشت عليه في كتب كثيرة فلم أرَ له سندًا.
وقد ذكره الشافعي في كتاب البيوع في باب بيع العرايا، بلا إسناد وأنكر عليه أبو داود الظاهري، ورد عليه ابن شريح في إنكاره، والله أعلم" اهـ.
(٤) في المحلى (٨/ ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>