وأما العلماء فيعرفون حكمها بنصٍّ أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك، فإذا تردّد الشيء بين الحل والحرمة ولم يكن فيه نصٌّ، ولا إجماع، اجتهد فيه المجتهد فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي، فإذا ألحقه به صار حلالًا، وقد يكون غير خالٍ عن الاحتمال البين، فيكون الورعُ تركه، ويكون داخلًا في قوله ﷺ: "فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه". وما لم يظهر للمجتهد فيه شيء وهو مشتبهٌ، فهل يؤخذ بحله أم بحرمته أم بتوقف؟ فيه ثلاثة مذاهب حكاها القاضي عياض وغيره، والظاهر أنها مخرجة على الخلاف المذكور في الأشياء قبل ورود الشرع - وفيه أربعة مذاهب: الأصح: أنه لا يحكم بحل ولا حرمة ولا إباحة ولا غيرها. لأن التكليف عند أهل الحق لا يثبت إلا بالشرع. والثاني: أن حكمها التحريم. والثالث: الإباحة. والرابع: التوقف. والله أعلم" اهـ.