للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو ترك المأمور الواجب، والحمى: المحمي، أطلق المصدر على اسم المفعول.

وفي اختصاص التمثيل بالحمى نكتة، وهي أن ملوك العرب كانوا يحمون لمراعي مواشيهم أماكن مخصبة يتوعدون من رعى فيها بغير إذنهم بالعقوبة الشديدة، فمثل لهم النبي بما هو مشهور عندهم، فالخائف من العقوبة المراقب لرضا الملك يبعد عن ذلك الحمى خشية أن تقع مواشيه في شيء منه فبعده أسلم له، وغير الخائف المراقب يقرب منه ويرعى من جوانبه فلا يأمن أن يقع فيه بعض مواشيه بغير اختياره، وربما أجدب المكان الذي هو فيه ويقع الخصب في الحمى فلا يملك نفسه أن يقع فيه، فالله سبحانه هو الملك حقًّا وحماه محارمه.

وقد اختلف في حكم الشبهات، فقيل: التحريم وهو مردود. وقيل: الكراهة، وقيل: الوقف، وهو كالخلاف فيما قبل الشرع (١).

واختلف العلماء أيضًا في تفسير الشبهات.

(فمنهم) من قال: إنها ما تعارضت فيه الأدلة.


(١) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ٢٧ - ٢٨): "وأمَّا الشبهات فمعناه أنها ليست بواضحة الحلّ ولا الحرمة، فلهذا لا يعرفها كثير من الناس، ولا يعلمون حكمها.
وأما العلماء فيعرفون حكمها بنصٍّ أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك، فإذا تردّد الشيء بين الحل والحرمة ولم يكن فيه نصٌّ، ولا إجماع، اجتهد فيه المجتهد فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي، فإذا ألحقه به صار حلالًا، وقد يكون غير خالٍ عن الاحتمال البين، فيكون الورعُ تركه، ويكون داخلًا في قوله : "فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه".
وما لم يظهر للمجتهد فيه شيء وهو مشتبهٌ، فهل يؤخذ بحله أم بحرمته أم بتوقف؟ فيه ثلاثة مذاهب حكاها القاضي عياض وغيره، والظاهر أنها مخرجة على الخلاف المذكور في الأشياء قبل ورود الشرع - وفيه أربعة مذاهب:
الأصح: أنه لا يحكم بحل ولا حرمة ولا إباحة ولا غيرها. لأن التكليف عند أهل الحق لا يثبت إلا بالشرع.
والثاني: أن حكمها التحريم.
والثالث: الإباحة.
والرابع: التوقف. والله أعلم" اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>