للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ومنهم) من قال: إنها ما اختلف فيه العلماء، وهو منتزع من التفسير الأول.

(ومنهم) من قال: إن المراد بها قسم المكروه لأنه يجتذبه جانبا الفعل والترك.

(ومنهم) من قال: هي المباح، ونقل ابن المنيِّر (١) عن بعض مشايخه (٢) أنه كان يقول: المكروه عقبة بين العبد والحرام، فمن استكثر من المكروه. تطرّق إلى الحرام، والمباح عقبة بينه وبين المكروه، فمن استكثر منه تطرّق إلى المكروه.

ويؤيد هذا ما وقع في رواية لا بن حبان (٣) من الزيادة بلفظ: "اجعلُوا بينكم وبينَ الحرام سُترةً من الحلالِ، من فعلَ ذلك استبرأَ لعرضِهِ ودينهِ".

قال في الفتح (٤) بعد أن ذكر التفاسير للمشتبهات التي قدمناها ما لفظه: والذي يظهر لي رجحان الوجه الأول، قال: ولا يبعد أن يكون كل من الأوجه مرادًا، ويختلف ذلك باختلاف الناس، فالعالم الفطن لا يخفى عليه تمييز الحكم فلا يقع له ذلك إلا في الاستكثار من المباح أو المكروه، ومن دونه تقع له الشبهة في جميع ما ذكر بحسب اختلاف الأحوال.

ولا يخفى أن المستكثر من المكروه، تصير فيه جراءة على ارتكاب المنهيّ في الجملة أو يحمله اعتياده لارتكاب المنهي غير المحرم على ارتكاب المنهي المحرم، أو يكون ذلك لسر فيه، وهو أن من تعاطى ما نهي عنه يصير مظلم القلب لفقدان نور الورع فيقع في الحرام ولو لم يختر الوقوع فيه، ولهذا قال : "فمن ترك ما يشتبه عليه من الإثم … " إلخ.


(١) هو أحمد بن محمد بن منصور بن أبي القاسم بن مختار الجروي الجذامي الإسكندري، أبو العباس ناصر الدين قاضي الإسكندرية وعالمها، كان إمامًا بارعًا في الفقه والأصلين والعربية، له الباع الطويل في علم التفسير والقراءات والنظر والبلاغة والإنشاء خطيبًا مصقعًا، وله شعر لطيف، ولد سنة (٦٢٠ هـ) وتوفي سنة (٦٨٣ هـ).
قال عز الدين بن عبد السلام: "ديار مصر تفتخر برجلين في طرفيها: ابن المنير بالإسكندرية، وابن دقيق العيد بقوص".
[طبقات المفسرين للداودي (١/ ٨٦) ومعجم المفسرين لعادل نويهض (١/ ٦٦)].
(٢) هو القباري، وقد ذكر كلامه الحافظ في "الفتح" (١/ ١٢٧).
(٣) في صحيحه رقم (٥٥٦٩) بسند حسن.
(٤) (٤/ ١٢٧ - ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>