للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذمة المشتري، فإذا أُلزِم بصاعٍ من تمر صار دينًا بدين. كذا قال الطحاوي (١).

وتعقب بأن الحديث ضعيف باتفاق المحدثين، ولو سلمت صلاحيته فكون ما نحن فيه من بيع الدين بالدَّينِ ممنوع لأنه يردُّ الصاع مع المصرَّاة حاضرًا لا نسيئة من غير فرق بين أن يكون اللبن موجودًا أو غير موجود، ولو سلم أنه من بيع الدين بالدين فحديث الباب مخصص لعموم ذلك النهي لأنه أخص منه مطلقًا.

وقال بعضهم: إنَّ ناسخه حديث "الخراج بالضمان" (٢) وقد تقدم، وذلك لأن اللبن فضلة من فضلات الشاة ولو تلفت لكانت من ضمان المشتري فتكون فضلاتها له.

وأجيب بأن المغروم هو ما كان فيها قبل البيع لا الحادث.

وأيضًا حديث الخراج بالضمان بعد تسليم شموله لمحل النزاع عام مخصوص بحديث الباب فكَيف يكون ناسخًا؟

وأيضًا لم ينقل تأخره والنسخ لا يتم بدون ذلك، ثم لو سلمنا مع عدم العلم بالتاريخ جواز المصير إلى التعارض وعدم لزوم بناء العام على الخاص لكان حديث الباب أرجح لكونه في الصحيحين وغيرهما ولتأيده بما ورد في معناه عن غير واحد من الصحابة.

وقال بعضهم: ناسِخُهُ الأحاديث الواردة في رفع العقوبة بالمال، هكذا. قال عيسى بن أبان. وتعقبه الطحاوي (٣) بأن التصرية إنما وجدت من البائع، فلو كان من ذلك الباب لكانت العقوبة له، والعقوبة في حديث المصرّاة للمشتري فافترقا، وأيضًا عموم الأحاديث القاضية بمنع العقوبة بالمال على فرض


= وفي "الطبراني" - (ج ٤ رقم ٤٣٧٥) - من طريق عيسى بن سهل بن رافع بن خديج، عن أبيه، عن جده: نهى رسول الله عن المحاقلة والمزابنة، ونهى أن يقول الرجل: أبيع هذا بنقد، وأشتريه بنسيئة حتى يبتاعه ويحرزه، ونهى عن كالئ بكالئ: دين بدين.
وهذا لا يصلح شاهدًا لحديث ابن عمر، فإنه من طريق موسى بن عبيدة أيضًا، عن عيسى بن سهل، وكان الوهم فيه من الراوي عنه محمد بن يعلى زنبور" اهـ.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة، والله أعلم.
(١) في شرح معاني الآثار (٤/ ٢١).
(٢) تقدم تخريجه برقم (٢٢٧٦). من كتابنا هذا.
(٣) في شرح معاني الآثار (٤/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>