وقد أجيب عن هذا العذر بأجوبة غير ما ذكر، ولكن أمثلها ما ذكرناه.
ومن جملة ما خالف فيه هذا الحديث القياس عندهم: أن الأصول تقتضي أن يكون الضمان بقدر التالف وهو مختلف، وقد قدر ههنا بمقدار معين وهو الصاع.
وأُجيب بمنع التعميم في جميع المضمونات، فإن الموضحة أرشها مقدّر مع اختلافها بالكبر والصغر، وكذلك كثير من الجنايات. والغُرَّة مقدَّرة في الجنين مع اختلافه.
والحكمة في تقدير الضمان ههنا بمقدار واحد لقطع التشاجر لما كان قد اختلط اللبن الحادث بعد العقد باللبن الموجود قبله، فلا يعرف مقداره حتى يسلم المشتري نظيره.
والحكمة في التقدير بالتمر أنه أقرب الأشياء إلى اللبن لأنه كان قوتهم إذ ذاك كالتمر.
ومن جملة ما خالف به الحديث القياس عندهم أنه جعل الخيار فيه ثلاثًا، مع أن خيار العيب لا يقدر بالثلاث، وكذلك خيار الرؤية والمجلس.
وأُجِيبَ بأنَّ حكم المصرّاة انفرد بأصله عن مماثله؛ فلا يستغرب أن ينفرد بوصف يخالف غيره، وذلك لأن هذه المدة هي التي يتبين بها لبن الغرر، بخلاف خيار الرؤية، والعيب، والمجلس؛ فلا يحتاج إلى مدة.
ومن جملة ما خالف به القياس عندهم: أنه يلزم من الأخذ به الجمع بين العوض والمعوض فيما إذا كان قيمة الشاة صاعًا من تمر؛ فإنها ترجع إليه مع الصاع الذي هو مقدار ثمنها.
وأُجِيبَ بأن التمر عوض اللبن لا عوض الشاة فلا يلزم ما ذكر.
ومن جملة ما خالف به القياس عندهم أنه إذا استردّ مع الشاة صاعًا، وكان ثمن الشاة صاعًا كان قد باع شاة وصاعًا بصاع فيلزم الربا.
وأُجِيبَ بأن الربا إنما يعتبر في العقود لا في الفسوخ، بدليل أنهما لو تبايعا ذهبًا بفضة لم يجز أن يتفرقا قبل القبض ولو تقايلا في هذا العقد بعينه جواز التفرق قبل القبض.