للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن جملة المخالفة أنه يلزم من الأخذ به ضمان الأعيان مع بقائها فيما إذا كان اللبن موجودًا.

وأُجِيبَ بأنه تعذر رده لاختلاطه باللبن الحادث وتعذّر تمييزه فأشبه الآبق بعد الغصب فإنه يضمن قيمته ثم بقاء عينه لتعذر ردّه.

ومنها أنه يلزم من الأخذ به إثبات الردّ بغير عيب ولا شرط.

وأُجيبَ بأن أسباب الردّ لا تنحصر في الأمرين المذكورين بل له أسباب كثيرة، منها الردُّ بالتدليس، وقد أثبت به الشارع الردّ في الركبان إذا تُلُقّفوا كما سلف.

ولا يخفى على منصف أن هذه القواعد التي جعلوا هذا الحديث مخالفًا لها لو سلم أنها قد قامت عليها الأدلة لم يقصر الحديث عن الصلاحية لتخصيصها، فيا لله العجب من قوم يبلغون في المحاماة عن مذاهب أسلافهم وتأثيرها على السنة المطهرة الصريحة الصحيحة إلى هذا الحد الذي يُسَرُّ به إبليس وينفق في حصول مثل هذه القضية التي قلّ طمعه في مثلها لا سيما من علماء الإسلام النفس والنفيس، وهكذا فلتكن ثمرات التمذهبات وتقليد الرجال في مسائل الحرام والحلال.

(العذر السادس): أن الحديث محمول على صورة مخصوصة؛ وهي ما إذا اشترى شاة بشرط أنها تَحْلِبُ مثلًا خمسة أرطال، وشرط فيها الخيار، فالشرط فاسد، فإن اتفقا على إسقاطه في مدَّة الخيار صحّ العقد، وإن لم يتفقا بطل، ووجب ردّ الصاع من التمر؛ لأنه كان قيمة اللبن يومئذٍ.

وأُجيب بأن الحديث معلَّق بالتصرية، وما ذكروه يقتضي تعليقه بفساد الشرط سواءٌ وجدت تصرية أم لا؛ فهو تأويل متعسِّف.

وأيضًا لو سلم أن ما ذكروه من جملة صور الحديث، فالقصر على صورة مُعيَّنة هي فرد من أفراد الدليل لا بد من إقامة دليل عليه.

قال في الفتح (١): واختلف القائلون بالحديث في أشياء منها: لو كان عالمًا


(١) فتح الباري (٤/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>