للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يد المفلس مختص بالبيع دون القرض. وذهب الشافعي (١) وآخرون إلى أن المقرض أولى من غيره.

واحتجَّ الأوّلون بالروايات المتقدمة المصرِّحة بالبيع، قالوا: فتحمل الروايات المطلقة عليها، ولكنه لا يخفى أن التصريح بالبيع لا يصلح لتقييد الروايات المطلقة، لأنه إنما يدلّ على أن غير البيع بخلافه بمفهوم اللقب (٢)، وما كان كذلك لا يصلح للتقييد إلا على قول أبي ثور كما تقرر في الأصول.

وربما يقال إن المصرح به هنا هو الوصف فلا يكون من مفهوم اللقب.

قوله: (ولم يكن اقتضى من ماله شيئًا)، فيه دليل لما ذهب إليه الجمهور من أن المشتري إذا كان قد قضى بعض الثمن لم يكن البائع أولى بما لم يسلم المشتري ثمنه من المبيع بل يكون أسوة الغرماء.

وقال الشافعي (٣) والهادوية (٤): إن البائع أولى به، والحديث يرد عليهم.

قوله: (وإن مات المشتري … ) إلخ، فيه دليل على أن المشتري إذا مات والسلعة التي لم يسلم المشتري ثمنها باقية لا يكون البائع أولى بها، بل يكون أسوة الغرماء، وإلى ذلك ذهب مالك (٥) وأحمد (٦).


(١) قال ابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (٧/ ٣٩٩ - ٤٠٠): "الثالث: رجوع المقرض إلى عين ماله إذا كان باقيًا بعينه وأفلس بعد قبضه، كما ترجم عليه البخاري - فيما سلف - ووجهه أن لفظ الحديث أعم من أن يكون المال أو المتاع لبائع أو لمقرض والفقهاء قاسوه عليه بجامع أنه مملوك يقدر على تحصيله فأشبه البيع ولا حاجة إليه لاندراجه تحته.
"بهذا قال الشافعي، وأبو محمد الأصيلي من المالكية. وخالفه غيره فقال: لا يكون القرض كالبيع" اهـ.
وانظر: الحاوي الكبير (٦/ ٢٧٣).
(٢) انظر: إرشاد الفحول (ص ٦٠١) بتحقيقي والبحر المحيط (٤/ ٢٥) وتيسير التحرير (١/ ١٠١).
(٣) البيان للعمراني (٦/ ٢٠٢ - ٢٠٣).
(٤) شفاء الأوام (٣/ ٢٦٧) والبحر الزخار (٥/ ٨٣).
(٥) مدونة الفقه المالكي وأدلته (٣/ ٦٩٦).
(٦) المغني (٦/ ٥٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>