للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجابت الشافعية (١) عن هذا الحديث بأن غنائم بدر كانت لرسول الله يدفعها لمن يشاء.

وهذا الحديث حجة على أبي حنيفة (٢) وغيره ممن قال: إن الوكالة في المباحات لا تصح.

والحديث الثاني (٣) يدل على جواز دفع أحد الرجلين إلى آخر راحلته في الجهاد على أن تكون الغنيمة بينهما.

والاحتجاج بهذين الحديثين إنما هو على فرض أن النبي اطلع وقرّر، وعلى فرض عدم الاطلاع والتقرير لا حجة في أفعال الصحابة وأقوالهم إلا أن يصحّ إجماعهم على أمر (٤).


(١) البيان (٦/ ٣٧٢).
(٢) بدائع الصنائع (٦/ ٦٣، ٦٤) وشرح فتح القدير (٦/ ١٧٢).
(٣) تقدم برقم (٥/ ٢٣٣٩) من كتابنا هذا.
(٤) قال ابن حزم في "المحلى" (٨/ ١٢٢): "لا تجوز الشركة بالأبدان أصلًا لا في دلالة، ولا في تعليم، ولا في خدمة، ولا في عمل يد، ولا في شيء من الأشياء، فإن وقعت فهي باطل لا تلزم ولكل واحد منهم أو منهما ما كسب، فإن اقتسماه وجب أن يُقْضَى له بأخذه ولا بد لأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل".
ثم قال: "٨/ ١٢٣ - ١٢٤": "وهذا عجب عجيب، وما ندري على ماذا يحمل عليه أمر هؤلاء القوم؟ ونسأل الله السلامة من التمويه في دينه تعالى بالباطل.
(الأول): ذلك أن هذا خبر منقطع، لأن أبا عبيدة لا يذكر من أبيه شيئًا، روينا ذلك من طريق وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة، قال: قلت: لأبي عبيدة أتذكر من عبد الله شيئًا؟ قال: لا.
(والثاني): أنه لو صح لكان أعظم حجة عليهم لأنهم أو قائل معنا ومع سائر المسلمين أن هذه شركة لا تجوز، وأنه لا ينفرد أحد من أهل العسكر بما يصيب دون جميع أهل العسكر حاشا ما اختلفنا فيه من كون السلب للقاتل، وإنه إن فعل فهو غلول من كبائر الذنوب.
(والثالث): أن هذه شركة لم تتم ولا حصل لسعد ولا لعمار ولا لابن مسعود من ذينك الأسيرين إلا ما حصل لطلحة بن عبيد الله الذي كان بالشام. ولعثمان بن عفان الذي كان بالمدينة فأنزل الله تعالى في ذلك: ﴿قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ [الأنفال: ١]، فكيف يستحل من يرى العار عارًا أن يحتج بشركة أبطلها الله تعالى ولم يمضها؟ =

<<  <  ج: ص:  >  >>