للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد استدل بأحاديث الباب من قال: إنها لا تحل الأجرة على تعليم القرآن وهو أحمد بن حنبل (١) وأصحابه وأبو حنيفة (٢) والهادوية (٣)، وبه قال عطاء والضحاك بن قيس والزهري وإسحاق وعبد الله بن شقيق، وظاهره عدم الفرق بين أخذها على تعليم من كان صغيرًا أو كبيرًا.

وقالت الهادوية (٤): إنَّما يحرم أخذها على تعليم الكبير لأجل وجوب تعليمه القدر الواجب وهو غير متعين، ولا يحرم على تعليم الصغير لعدم الوجوب عليه.

وذهب الجمهور (٥) إلى أنها تحل الأجرة على تعليم القرآن.

وأجابوا عن أحاديث الباب بأجوبة:

(منها) أن أحاديث أبي (٦) وعبادة (٧) قضيتان في عين، فيحتمل أن النبي علم أنهما فعلا ذلك خالصًا لله فكره أخذ العوض عنه.

وأما من علم القرآن على أنَّه لله وأن يأخذ من المتعلم ما دفعه إليه بغير سؤال ولا استشراف نفس فلا بأس به.

وأما حديث عمران بن حصين (٨) فليس فيه إلا تحريم السؤال بالقرآن وهو غير اتخاذ الأجر على تعليمه.

وأما حديث عبد الرحمن بن شبل (٩) فهو أخص من محل النزاع، لأن المنع من التأكل بالقرآن لا يستلزم المنع من قبول ما دفعه المتعلم بطيبة من نفسه.

وأما حديث عثمان بن أبي العاص (١٠) فالقياس للتعليم عليه فاسد الاعتبار لما سيأتي.

هذا غاية ما يمكن أن يجاب به عن أحاديث الباب، ولكنه لا يخفى أن ملاحظة مجموع [ما تقضي] (١١) به يفيد ظن عدم الجواز، وينتهض للاستدلال به على المطلوب.


(١) المغني (٨/ ١٣٦).
(٢) البناية في شرح الهداية (٩/ ٣٣٨).
(٣) البحر الزخار (٤/ ٤٨).
(٤) البحر الزخار (٤/ ٤٩).
(٥) المغني (٨/ ١٣٧).
(٦) تقدم برقم (٢٣٧٥) من كتابنا هذا.
(٧) تقدم بإثر رقم (٢٣٧٥) من كتابنا هذا.
(٨) تقدم برقم (٢٣٧٤) من كتابنا هذا.
(٩) تقدم برقم (٢٣٧٣) من كتابنا هذا.
(١٠) تقدم بإثر رقم (٢٣٧٥) من كتابنا هذا.
(١١) في المخطوط (ب): (ما يقضي).

<<  <  ج: ص:  >  >>