للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (كسروا فيها قسيكم)، قيل: المراد الكسر حقيقة ليسد عن نفسه باب هذا القتال، وقيل: هو مجاز، والمراد ترك القتال.

ويؤيد الأول [قوله] (١): "واضربوا بسيوفكم الحجارة"، قال النووي (٢): والأول أصح.

قوله: (القاعد فيها خير من القائم) إلخ. معناه بيان عظم خطر الفتنة والحث على تجنبها والهرب منها ومن التسبب في شيء من أسبابها، فإن شرها وفتنتها يكون على حسب التعلق بها.

قوله: (كن كابن آدم) يعني الذي قال لأخيه لما أراد قتله: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ﴾ (٣)، كما حكى الله ذلك في كتابه.

والأحاديث المذكورة في الباب تدل على مشروعية ترك المقاتلة وعدم وجوب المدافعة عن النفس والمال.

وقد اختلف العلماء في ذلك، فقالت طائفة: لا يقاتل في فتن المسلمين وإن دخلوا عليه بيته وطلبوا قتله، ولا تجوز له المدافعة عن نفسه، لأن الطالب متأول، وهذا مذهب أبي بكرة الصحابي وغيره.

وقال ابن عمر وعمران بن حصين وغيرهما: لا يدخل فيها لكن إن قصد دفع عن نفسه.

قال النووي (٤): فهذان المذهبان متفقان على ترك الدخول في جميع فتن المسلمين.

قال القرطبي (٥): اختلف السلف في ذلك فذهب سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وغيرهم إلى أنه يجب الكف عن المقاتلة.

فمنهم من قال: يجب عليه أن يلزم بيته. وقالت طائفة: يجب عليه التحول عن بلد الفتنة أصلًا.


(١) ما بين الخاصرتين سقط من (ب).
(٢) في شرحه لصحيح مسلم (١٨/ ١٠).
(٣) سورة المائدة، الآية: (٢٨).
(٤) في شرح صحيح مسلم (١٨/ ١٠).
(٥) في المفهم (٧/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>