للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قال بهذا؛ أعني ثبوت الشفعة للجار مع اتحاد الطريق، بعض الشافعية (١)، ويؤيده أن شرعية الشفعة إنما هي لدفع الضرر، وهو إنما يحصل في الأغلب مع المخالطة في الشيء المملوك أو في طريقه، ولا ضرر على جار لم يشارك في أصل ولا طريق إلا نادرًا، واعتبار هذا النادر يستلزم ثبوت الشفعة للجار مع عدم الملاصقة؛ لأن حصول الضرر له قد يقع في نادر الحالات كحجب الشمس والاطلاع على العورات ونحوهما من الروائح الكريهة التي يتأذى بها ورفع الأصوات وسماع بعض المنكرات، ولا قائل بثبوت الشفعة لمن كان كذلك، والضرر النادر غير معتبر؛ لأن الشارع علق الأحكام بالأمور الغالبة، فعلى فرض أن الجار لغة لا يطلق إلا على من كان ملاصقًا غير مشارك ينبغي تقييد الجوار باتحاد الطريق، ومقتضاه أن لا تثبت الشفعة بمجرد الجوار وهو الحق.

وقد زعم صاحب المنار (٢) أن الأحاديث تقتضي ثبوت الشفعة للجار والشريك ولا منافاة بينها. ووجه حديث جابر (٣) بتوجيه بارد، والصواب ما حررناه.

قوله: (في كل شركة) في مُسلم (٤) وسنن أبي داود (٥): "في كل شِرْك"، وهو بكسر الشين المعجمة وإسكان الراء من أشركته في البيع إذا جعلته لك شريكًا، ثم خفف المصدر بكسر الأول وسكون الثاني، فيقال: شرك وشركة كما يقال كلم وكلمة.

قوله: (رَبْعة) بفتح الراء وسكون الموحدة تأنيث ربع: وهو المنزل الذي يرتبعون فيه في الربيع ثم سمي به الدار والمسكن (٦).


(١) البيان للعمراني (٧/ ١٠٥) وحلية العلماء (٥/ ٢٥٩ وما بعدها).
(٢) المنار في المختار من جواهر البحر الزخار للمقبلي (٢/ ٧٢ - ٧٣).
- وبحوزتي صورة لمخطوط المنار.
(٣) يأتي برقم (٢٤٥٨) من كتابنا هذا.
(٤) في صحيحه رقم (١٦٠٨/ ١٣٤).
(٥) في سننه رقم (٣٥١٣).
وهو حديث صحيح.
(٦) النهاية في غريب الحديث (١/ ٦٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>