للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنه إذا علم أنها إذا لم تؤخذ بقيت للذئب كان ذلك ادعى له إلى أخذها، وفيه رد على ما روي عن أحمد (١) في رواية: "إن الشاة لا تلتقط"، وتمسك به مالك في أنه يملكها بالأخذ ولا تلزمه غرامة ولو جاء صاحبها.

واحتج على ذلك بأن النبي سوَّى بين الذئب والملتقط، والذئب لا غرامة عليه فكذلك الملتقط.

وأجيب بأن اللام ليست للتمليك؛ لأن الذئب لا يملك.

وقد أجمعوا على أنه لو جاء صاحبها قبل أن يأكلها الملتقط كان له أخذها، فدل على أنها باقية على ملك صاحبها، ولا فرق بين قوله في اللقطة: "شأنك بها أو خذها" وبين قوله: "هي لك أو لأخيك أو للذئب"، بل الأول أشبه بالتمليك؛ لأنه لم يشرك معه ذئبًا ولا غيره.

قوله: (فإن جاء أحد يخبرك) إلخ، فيه دليل على أنه يجوز للملتقط أن يرد اللقطة إلى من وصفها بالعلامات المذكورة من دون إقامة البينة، وبه قال المؤيد بالله والإمام يحيى (٢) وبعض أصحاب الشافعي وأبو بكر الرازي الحنفي، قالوا: لأنه يجوز العمل بالظن لاعتماده في أكثر الشريعة، وإذ لا تفيد البينة إلا الظن، وبه قال مالك (٣) وأحمد (٤).

وحكي في البحر (٥) عن القاسمية والحنفية والشافعية: أن اللقطة لا ترد للواصف وإن ظن الملتقط صدقه إذ هو مدع فلا تقبل.

وحكي في الفتح (٦) عن أبي حنيفة (٧) والشافعي (٨): أنه يجوز له الرد إلى الواصف إن وقع في نفسه صدقه ولا يجبر على ذلك إلا ببينة.

قال الخطابي (٩): إن صحت هذه اللفظة، يعني قوله: "فإن جاء صاحبها


(١) المغني (٨/ ٣٣٨).
(٢) البحر الزخار (٤/ ٢٨١).
(٣) عيون المجالس (٤/ ١٨٤٣ رقم ١٣٠٣).
(٤) المغني (٨/ ٣١٠).
(٥) البحر الزخار (٤/ ٢٨١).
(٦) (٥/ ٨٢).
(٧) شرح فتح القدير (٦/ ١٢١).
(٨) البيان للعمراني (٧/ ٥٣٦) والأم (٥/ ١٣٨) والحاوي (٨/ ٢٤).
(٩) في معالم السنن (٢/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>