للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قدمنا في باب نهي المتصدق أن يشتري ما تصدق به من كتاب الزكاة (١) عن القرطبي (٢) أن التحريم هو الظاهر من سياق الحديث، وقدمنا أيضًا أن الأكثر حملوه على التنفير خاصة لكون القيء مما يستقذر، ويؤيد القول بالتحريم قوله: "ليس لنا مثل السَّوء" (٣)، وكذلك قوله: "لا يحلُّ للرَّجل" (٤) قال في الفتح (٥): وإلى القول بتحريم الرجوع في الهبة بعد أن تقبض ذهب جمهور العلماء إلا هبة الوالد لولده، وستأتي.

وذهبت الحنفية (٦) والهادوية (٧) إلى حل الرجوع في الهبة دون الصدقة إلا إذا حصل مانع من الرجوع كالهبة لذي رحم ونحو ذلك مما هو مذكور في كتب الفقه من الموانع.

قال الطحاوي (٨): إن قوله: "لا يحل" لا يستلزم التحريم، قال: وهو كقوله: "لا تحل الصدقة لغني" (٩)، وإنما معناه لا يحل له من حيث يحل لغيره من ذوي الحاجة، وأراد بذلك التغليظ في الكراهة.

قال الطبري (١٠): يخص من عموم هذا الحديث من وهب بشرط الثواب، ومن كان والدًا والموهوب له ولده، والهبة لم تقبض والتي ردَّها الميراث إلى الواهب لثبوت الإخبار باستثناء كل ذلك.

وأما ما عدا ذلك كالغني يثيب الفقير ونحو من يصل رحمه فلا رجوع.

قال: ومما لا رجوع فيه مطلقًا الصدقة يراد بها ثواب الآخرة.


(١) في الباب التاسع (٨/ ١٨٨ - ١٩٠). عند الحديث رقم (٣٣/ ١٦١٤) من كتابنا هذا.
(٢) في "المفهم" (٤/ ٥٨٠).
(٣) تقدم في الحديث رقم (٢٤٨٣) من كتابنا هذا.
(٤) تقدم في الحديث رقم (٢٤٨٤) من كتابنا هذا.
(٥) (٥/ ٢١٧).
(٦) المبسوط (١٢/ ٤٩) والبناية في شرح الهداية (١١/ ٢٤٣).
(٧) البحر الزخار (٤/ ١٣٨ - ١٣٩).
(٨) في شرح معاني الآثار (٤/ ٧٧).
(٩) تقدم تخريجه برقم (١٦٠٥) من كتابنا هذا.
(١٠) حكاه الحافظ عنه في الفتح (٥/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>