للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجزَّأهم رسولُ الله ثلاثة أجزاء ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرقَّ أربعة، وقد تقدم (١) في باب تبرعات المريض من كتاب الوصايا.

ووجه الدلالة منه أن الاستسعاء لو كان مشروعًا لنجز من كلِّ واحدٍ منهم عتق ثلثه، واستسعى في بقية قيمته لورثة الميت.

وأجاب من أثبت السعاية بأنَّها واقعةُ عينٍ، فيحتمل أن [تكون] (٢) قبل مشروعية السعاية، ويحتمل أن تكون السعاية مشروعة في غير هذه الصورة.

وقد أخرج عبد الرزاق (٣) بإسنادٍ رجالُه ثقاتٌ: "أن رجلًا من بني عذرة أعتق مملوكًا له عند موته، وليس له مال غيره، فأعتق رسول الله بثلثه وأمره أن يسعى في الثلثين".

واحتجوا أيضًا بما أخرجه النسائي (٤) عن ابن عمر من حديث، وفيه: "وليس على العبد شيءٌ".

وأجيب بأنَّ ذلكَ مختصٌّ بصورة اليسار، لقوله في هذا الحديث: "وله وفاءٌ"، والسعاية إنما هي في صورة الإعسار.

وقد ذهب إلى الأخذ بالسعاية إذا كان المعتق معسرًا أبو حنيفة (٥)


(١) تقدم برقم (٢٥٣٠) من كتابنا هذا في الباب المشار إليه.
(٢) في المخطوط (ب): (يكون).
(٣) في "المصنف" رقم (١٦٧١٩) بسند رجاله ثقات.
(٤) في السنن الكبرى رقم (٤٩٦١ - العلمية) من حديث ابن عمر، وجابر.
وهو حديث صحيح.
(٥) قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٢٣/ ١٢٤ رقم ٣٣٧٤٠) وهو موافق لما في "التمهيد" (١٤/ ٢٨٣ - تيمية): "وقال أبو حنيفة: إذا كان العبدُ بين اثنين، فأعتقَ أحدُهما نصيبه وهو موسر، فإنَّ الشريك بالخيار، إنْ شاء أعتقه، كما أعتق صاحبُهُ، وكانَ الولاءُ بينهما.
وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته، ويكون الولاء بينهما.
وإن شاء ضمن شريكه نصف قيمته، ويرجعُ الشريكُ بما ضمن من ذلك على العبد، يَسْتَسْعى فيه إن شاء، ويكون الولاءُ كله للشريك. وإن كان المعتق معسِرًا فالشريك بالخيار، إن شاءَ ضمن العبدُ نِصفَ قيمته يسعى فيها، والولاء بينهما.
وإن شاء أعتقه، كما أعتق صاحبُهُ، والولاء بينهما". اهـ.
٣٣٧٤١ - وقال أبو حنيفة: العبدُ المُسْتَسعى ما دام في سعايتِهِ بمنزلة المكاتب في جميع =

<<  <  ج: ص:  >  >>