للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: يحتمل أنَّ ذلك الهلاك كان به وبغيره مما ارتكبوه من المعاصي، فعند ظهور ذلك فيهم هلكوا، وفيه معاقبة العامة بظهور المنكر، انتهى.

قوله: (إلا من داء) ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين لا لداء وعلة فإنه ليس بمحرم، وظاهر قوله: "المغيرات خلق الله" أنه لا يجوز تغيير شيء من الخلقة عن الصفة التي هي عليها.

قال أبو جعفر (١) الطبري: في هذا الحديث دليل على أنه لا يجوز تغيير شيء مما خلق الله المرأة عليه بزيادةٍ أو نقصٍ، التماسًا للتحسين لزوج أو غيره، كما لو كان لها سنٌّ زائدةٌ، أو عضو زائدٌ فلا يجوز لها قطعه، ولا نزعه: لأنَّه من تغيير خلق الله، وهكذا لو كان لها أسنانٌ طوالٌ فأرادت تقطيع أطرافها.

وهكذا قال القاضي عياض (٢) وزاد: إلا أن تكون هذه الزوائد مؤلمةً وتتضرَّر بها فلا بأس بنزعها، قيل: وهذا إنما هو في التغيير الذي يكون باقيًا، فأما ما لا يكون باقيًا كالكحل ونحوه من الخضابات فقد أجازه مالك وغيره من العلماء.

قوله: (هذه الغمرة) بفتح الغين المعجمة وسكون الميم بعدها راء: طلاء من الورس. وفي القاموس (٣): في مادة الغمر، وبالضم: الزعفران كالغمرة.

٣٨/ ٢٧٨١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كانَتْ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ تَخْضُبُ وَتَطَيّبُ، فَتَرَكَتْهُ فَدَخَلَتْ عَلَيَّ، فَقُلْت: أَمَشْهَدٌ أمْ مُغِيبٌ؟ فَقَالَتْ: مَشْهَدٌ، قَالَتْ: عُثْمَانُ لا يُرِيدُ الدّنْيَا وَلَا يُرِيدُ النِّساءَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ الله فأخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَلَقِيَ عُثْمَانَ فَقَالَ: "يَا عُثْمَانُ تُؤْمِنُ بِمَا نُؤْمِنُ بِهِ؟ "، قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: "فَأُسْوَةٌ ما لَكَ بِنَا") (٤). [صحيح لغيره]


(١) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٢٧٧) والقاضي عياض في المرجع المتقدم (٦/ ٦٥٥ - ٦٥٧).
(٢) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٦/ ٦٥٦).
(٣) القاموس المحيط (ص ٥٨٠).
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٦/ ١٠٦) بسند ضعيف لسوء حفظ مؤمل بن إسماعيل.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٤/ ٣٠١) وقال: أسانيد أحمد رجالها ثقات.
وهو حديث صحيح لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>