للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسلم إذا كان على وجه الإرهاب عليه لئلا يواقع الفعل، فإذا واقعه فإنما يدعى له بالتوبة والهداية.

قال الحافظ (١): ليس هذا التقييد مستفادًا من هذا الحديث بل من أدلة أخرى.

قال (٢): وقد ارتضى بعض مشايخنا ما ذكره المهلب من الاستدلال بهذا الحديث على جواز لعن العاصي المعين، وفيه نظر.

والحقُّ: أن الذي منع اللعن أراد به المعنى اللغوي: وهو الإبعاد من الرحمة، وهذا لا يليق أن يُدْعى به على المسلم بل يُطْلب له الهداية والتوبة والرجوع عن المعصية؛ والذي أجازه أراد به معناه العرفي وهو مطلق السبّ.

قال: ولا يخفى أن محله إذا كان بحيث يرتدع العاصي به وينزجر.

وأما حديث الباب فليس فيه إلا أن الملائكة تفعل ذلك ولا يلزم منه جوازه على الإطلاق.

وفي الحديث دليل على أن الملائكة تدعو على المغاضبة لزوجها الممتنعة من إجابته إلى فراشه.

وأما كونها تدعو على أهل المعاصي على الإطلاق كما قال في الفتح (٣)، فإن كان من هذا الحديث فليس فيه إلا الدعاء على فاعل هذه المعصية الخاصة، وإن كان من دليل آخر فذاك.

وأما الاستدلال بهذا الحديث على أنهم يدعون لأهل الطاعة كما فعل أيضًا في الفتح (٣) ففاسد، فإنه لا يدلّ على ذلك بوجه من وجوه الدلالة، وغايته أنه يدلّ بالمفهوم على أن غير العاصية لا تلعنها الملائكة، فمن أين أن المطيعة تدعو لها الملائكة، بل من أين أن كل صاحب طاعة يدعون له، نعم قول الله تعالى: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ (٤) يدلّ على أنهم يدعون للمؤمنين بهذا الدعاء الخاصّ.

وحكي في الفتح (٥) عن ابن أبي جمرة أنه قال: وهل الملائكة التي تلعنها هم الحفظة أو غيرهم؟ يحتمل الأمرين.


(١) في "الفتح" (٩/ ٢٩٤).
(٢) أي الحافظ في "الفتح" (٩/ ٢٩٥).
(٣) (٩/ ٢٩٥).
(٤) سورة غافر، الآية: (٧).
(٥) (٩/ ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>