للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأبو حنيفة (١)، وعن الشافعي (٢) قولان: المصحح منهما وقوعه والخلاف عند الحنابلة (٣).

وقد حكي القول بالوقوع في البحر (٤): عن عليّ، وابن عباس، وابن عمر، ومجاهد، والضحاك، وسليمان بن يسار، وزيد بن عليّ، والهادي والمؤيد بالله.

وحكي القول (٥) بعدم الوقوع عن عثمان، وجابر بن زيد، ورواية عن ابن عباس والناصر وأبي طالب والبتي وداود.

احتج القائلون بالوقوع بقوله تعالى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ (٦)، ونهيهم حال السكر عن قربان الصلاة يقتضي عدم زوال التكليف، وكل مكلف يصحّ منه الطلاق وغيره من العقود والإنشاءات.

وأجيب بأن النهي في الآية المذكورة إنما هو عن أصل السكر الذي يلزم منه قربان الصلاة كذلك.

وقيل: إنه نهي للثمل الذي يعقل الخطاب، وأيضًا قوله في آخر الآية: ﴿حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ (٦)، دليل على أن السكران يقول ما لا يعلم، ومن كان كذلك فكيف يكون مكلفًا وهو غير فاهم، والفهم شرط التكليف كما تقرّر في الأصول.

احتجوا ثانيًا بأنه عاص بفعله فلا يزول عنه الخطاب بالسكر ولا الإثم؛ لأنه يؤمر بقضاء الصلوات وغيرها مما وجب عليه قبل وقوعه في السكر.

وأجاب الطحاوي (٧) بأنها لا تختلف أحكام فاقد العقل بين أن يكون ذهاب عقله بسبب من جهته أو من جهة غيره، إذ لا فرق بين من عجز عن القيام في


(١) البناية في شرح الهداية (٥/ ٢٦). وانظر: بدائع الصنائع (٣/ ٩٩).
(٢) البيان للعمراني (١٠/ ٦٩).
(٣) المغني (١٠/ ٣٤٦ - ٣٤٧).
(٤) البحر الزخار (٣/ ١٦٦).
(٥) أي المهدي في البحر الزخار (٣/ ١٦٦). وانظر: المحلى (١٠/ ٢٠٩ - ٢١٠) والمصنف لابن أبي شيبة (٥/ ٣٧ - ٣٨).
(٦) سورة النساء، الآية: (٤٣).
(٧) في "مختصر اختلاف العلماء" له (٢/ ٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>