للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ووعظه وذكره)، فيه دليل على أنه يشرع للإمام موعظة المتلاعنين قبل اللعان تحذيرًا لهما منه وتخويفًا لهما من الوقوع في المعصية.

قوله: (فبدأ بالرجل) فيه دليل: على أنه يبدأ الإمام في اللعان بالرجل. وقد حكى الإمام المهدي في البحر (١) الإجماع على أن السنّة تقديم الزوج.

واختلف في الوجوب؛ فذهب الشافعي (٢) ومن تبعه وأشهب من المالكية، ورجحه ابن العربي (٣) إلى أنه واجب، وهو قول المؤيد بالله، وأبي طالب، وأبي العباس، والإمام يحيى (٤).

وذهبت الحنفية (٥) ومالك (٦) وابن القاسم إلى أنه لو وقع الابتداء بالمرأة صحّ واعتدّ به.

واحتجوا بأن الله تعالى عطف في القرآن بالواو وهو لا يقتضي الترتيب.

واحتجّ الأوّلون أيضًا بأن اللعان يشرع لدفع الحدّ [عن] (٧) الرجل.

ويؤيده قوله لهلال: "البينة وإلا حدّ في ظهرك" وسيأتي (٨)، فلو بدأ بالمرأة لكان دفعًا لأمر لم يثبت.


(١) البحر الزخار (٣/ ٢٥١).
(٢) قال العمراني في "البيان" (١٠/ ٤٦٢): "وَيبدأْ بلعانِ الزوجِ، فإذا التعنتِ المرأةُ قبلَ لِعانِ الزوج، أو قبلَ أن يُكملَ لِعانَهُ .. لم يُعتدَّ بلعانها.
وقال مالك، وأبو حنيفة: يُعتدُّ به.
دليلُنا: قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ [النور: ٦]، فبدأ بلعانِ الزوج، ثم قالَ: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٨]. و (العذابُ): هوَ الحدُّ عليها، وإنّما يجبُ ذلكَ عليها بلعانِ الزوجِ، لأنَّ اللعانَ عندنا يمين، وعندَ أبي حنيفة شهادةٌ، وأيهما كانَ .. فقد أتتْ بلعانها قبلَ وقته، فلم يُعتدَّ به، ألا ترى أنَّ رجلًا لو ادَّعى على رجلٍ حقًّا، فقالَ المدَّعى عليه: واللهِ ما لكَ عندي شيءٌ .. لم يُعتدَّ بها؟ وهكذا: لو شَهِدَ له بذلك شاهدانِ قبلَ أن يُسأَلا الشهادة .. لم يُعتدَّ بهذهِ الشهادةِ، فكذلك هذا مثلُهُ. فإنْ حكمَ حاكمٌ بتقديم لعانِها .. فحكى الشيخُ أبو حامدٍ: أن الشافعيَّ قال: (نُقِضَ حُكمُهُ) ". اهـ.
(٣) انظر: عارضة الأحوذي (٥/ ١٧٩، ١٨٤ - ١٩٠).
(٤) حكاه عنهم الإمام المهدي في البحر الزخار (٣/ ٢٥١).
(٥) الهداية شرح بداية المبتدي (٢/ ٢٣ - ٢٤).
(٦) التهذيب في اختصار المدونة (٢/ ٣٣٠).
(٧) في المخطوط (ب): (على).
(٨) برقم (٢٩١٠) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>