للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال المهلب (١): المعنى انظرن ما سبب هذه الأخوّة، فإنَّ حرمة الرضاع إنما هي في الصغر حيث تسدّ الرضاعة المجاعة.

وقال أبو عبيد (٢): معناه: أن الذي إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن من الرَّضاع هو الصبيُّ، لا حيث يكون الغذاء بغير الرضاع.

قوله: (فإنَّما الرَّضاعة من المجاعة) هو تعليل للباعث على إمعان النظر والتفكر بأن الرضاعة التي تثبت بها الحرمة هي حيث يكون الرضيع طفلًا يسدُّ اللبن جوعته.

وأما من كان يأكل ويشرب فرضاعه لا عن مجاعة، لأن في الطعام والشراب ما يسدّ جوعته، بخلاف الطفل الذي لا يأكل الطعام. ومثل هذا المعنى حديث: "لا رضاع إلا ما أنشرَ العظم وأنبت اللحم" (٣)، فإن إنشار العظم وإنبات اللحم إنما يكون لمن كان غذاؤه اللبن.

وقد احتج بهذه الأحاديث من قال: إن رضاع الكبير لا يقتضي التحريم مطلقًا وهم الجمهور كما تقدّم. وأجاب القائلون بأنَّ رضاع الكبير يقتضي التحريم مطلقًا وهم من تقدّم. ذكره عن هذه الأحاديث، فقالوا: أما حديث: "لا يحرّم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء" (٤)، فأجابوا عنه بأنه منقطع كما تقدم.

ولا يخفى أن تصحيح الترمذي (٥) والحاكم (٦) لهذا الحديث يدفع علة الانقطاع فإنهما لا يصححان ما كان منقطعًا إلا وقد صحّ لهما اتصاله، لما تقرّر في علم الاصطلاح أن المنقطع من قسم الضعيف (٧).

وأجابوا عن حديث: " [لا رضاع (٨)] إلا ما كان في الحولين" (٩) بأنه موقوف كما تقدم، ولا حجة في الموقوف، وبما تقدم من اشتهار الهيثم بن جميل بالغلط


(١) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٩/ ١٤٨).
(٢) في "غريب الحديث" لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (٢/ ١٤٩).
(٣) وهو حديث ضعيف وقد تقدم آنفًا.
(٤) تقدم برقم (٢٩٦٢) من كتابنا هذا.
(٥) في السنن (٣/ ٤٥٩).
(٦) لم أقف عليه في المستدرك كما تقدم.
(٧) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٢٤٧) بتحقيقي. وتدريب الراوي (١/ ١٧٩). وتنقيح الأنظار (ص ١١٢) بتحقيقي.
(٨) في المخطوط (ب): (الإرضاع).
(٩) تقدم برقم (٢٩٦٣) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>