للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التابعين (١) قالوا: نزلت فيمن كان يطلق فإذا كادت العدّة تنقضي راجع.

ويجاب عن ذلك بأن الأحاديث المذكورة يقوّي بعضها بعضًا مع أنه لم يكن فيها قدح يوجب الضعف فضلًا عن السقوط، والآية المذكورة وإن كان سببها خاصًّا كما قيل فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

وأما استدلال الآخرين بقوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ (٢)، قالوا: وإذا أعسر ولم يجد سببًا يمكنه به تحصيل النفقة فلا تكليف عليه بدلالة الآية.

فيجاب عنه بأنا لم نكلفه النفقة حال إعساره، بل دفعنا الضرر عن امرأته وخلصناها من حباله لتكتسب لنفسها أو يتزوّجها رجل آخر.

واحتجوا أيضًا بما في صحيح مسلم (٣) من حديث جابر: "أنه دخلَ أبو بكر وعمرُ على رسول الله فوجداهُ حولهُ نساؤه واجمًا ساكتًا وهنّ يسألنه النفقة، فقام كل واحد منهما إلى ابنته، أبو بكر إلى عائشة وعمر إلى حفصة، فوجآ أعناقهما، فاعتزلهنّ رسول الله بعد ذلك شهرًا"، فضربهما لابنتيهما في حضرته لأجل مطالبتهما بالنفقة التي لا يجدها، يدلّ على عدم التفرقة لمجرّد الإعسار عنها، قالوا: ولم يزل الصحابة فيهم الموسر والمعسر، ومعسروهم أكثر.

ويجاب عن الحديث المذكور بأنّ زجرهما عن المطالبة بما ليس عند رسول الله لا يدلّ على عدم جواز الفسخ لأجل الإعسار، ولم يروا أنهن


= وهو حديث ضعيف.
• وأما حديث أبي الدرداء فقد أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٤/ ٢٨٨ - مجمع الزوائد) وابن عدي في "الكامل" (٥/ ١٧٦١) المرفوع فقط، من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن عمرو بن عبيد عن الحسن عنه، به.
إسناده تالف، وهو حديث ضعيف جدًّا.
(١) أخرج ابن جرير في "جامع البيان" (٢/ ٤٨١) من طريق عمرو عن أسباط بن نصر عن السدي قال: نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن بشار، طلق امرأته، حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة، راجعها، ثم طلقها، ففعل ذلك بها حتى مضت لها تسعة أشهر مضارة يضارها، فأنزل الله: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ بسند ضعيف جدًّا.
(٢) سورة الطلاق، الآية: (٧).
(٣) رقم (٢٩/ ١٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>