للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طلبنه ولم يجبن إليه، كيف وقد خيرهن بعد ذلك فاخترنه، وليس محل النزاع جواز المطالبة للمعسر بما ليس عنده وعدمها، بل محله: هل يجوز الفسخ عند التعذر أم لا؟

وقد أجيب عن هذا الحديث: بأنَّ أزواج النبيّ لم يعدمن النفقة بالكلية؛ لأن النبيّ قد استعاذ من الفقر المدقع، ولعلّ ذلك إنما كان فيما زاد على قوام البدن مما يعتاد الناس النزاع في مثله، وهكذا يجاب عن الاحتجاج بما كان عليه الصحابة من ضيق العيش.

وظاهر الأدلة أنَّه يثبت الفسخ للمرأة بمجرّد عدم وجدان الزوج لنفقتها، بحيث يحصل عليها ضرر من ذلك.

وقيل: إنه يؤجل الزوج مدة؛ فروي عن مالك (١) أنَّه يؤجل شهرًا، وعن الشافعية (٢) ثلاثة أيام ولها الفسخ في أوّل اليوم الرابع.

وروي عن حماد (٣) أن الزوج يؤجل سنة ثم يفسخ قياسًا على العِنِّيْن.

وهل تحتاج المرأة إلى الرفع إلى الحاكم؟ روي عن المالكية (٤) في وجه لهم أنها ترافعه إلى الحاكم ليجبره على الإنفاق أو يطلق عنه. وفي وجهٍ لهم آخر: أنَّه ينفسخ النكاح بالإعسار، لكن بشرط أن يثبت إعساره عند الحاكم والفسخ بعد ذلك إليها.

وروي عن أحمد (٥) أنها إذا اختارت الفسخ رافعته إلى الحاكم والخيار إليه بين أن يجبره على الفسخ أو الطلاق.

وروي عن عبد الله بن الحسن العنبري (٦) أن الزوج إذا أعسر عن النفقة حبسه الحاكم حتى يجدها وهو في غاية الضعف، لأن تحصيل الرزق غير مقدور له إذا كان ممن أعوزته المطالب وأكدت عليه جميع المكاسب، اللهمَّ إلا أن


(١) مواهب الجليل (٥/ ٥٦٤).
(٢) البيان للعمراني (١١/ ٢٢٥).
(٣) حكاه عنه ابن قدامة في المغني (١١/ ٣٦٢).
(٤) المنتقى للباجي (٤/ ١٣١ - ١٣٢).
(٥) المغني (١١/ ٣٦٥ - ٣٦٦).
(٦) حكاه عنه ابن حزم في المحلى (١٠/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>