للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وفكاك الأسير) بكسر الفاء وفتحها: أي أحكام تخليص الأسير من يد العدوّ والترغيب فيه.

قوله: (وأن لا يُقْتَل مسلمٌ بكافر) فيه دليل: على أن المسلم لا يقاد بالكافر، أما الكافر الحربيُّ: فذلك إجماع كما حكاه صاحب البحر (١).

وأما الذميُّ: فذهب إليه الجمهور (٢) لصدق اسم الكافر عليه.

وذهب الشعبي والنخعي وأبو حنيفة (٣) وأصحابه إلى أنه يقتل المسلم بالذميِّ.

واستدلوا بقوله في حديث عليّ (٤)، وعمرو بن شعيب (٥): "ولا ذو عهدٍ في عهده"، ووجهه: أنه معطوف على قوله: "مؤمن"، فيكون التقدير: ولا ذو عهدٍ في عهده بكافرٍ كما في المعطوف عليه.

والمراد بالكافر المذكور في المعطوف: هو الحربي فقط، بدليل جعله مقابلًا للمعاهد، لأنَّ المعاهد يُقْتَلُ بمن كان معاهدًا مثله من الذميين إجماعًا، فيلزم أن يقيد الكافر في المعطوف عليه بالحربيِّ، كما قيد في المعطوف، لأن الصفة بعد متعدد ترجع إلى الجميع اتفاقًا، فيكون التقدير: لا يقتل مؤمن بكافرٍ حربيٍّ، ولا ذو عهدٍ في عهده بكافرٍ حربيٍّ، وهو يدلُّ بمفهومه على أن المسلم يُقتل بالكافر الذمي.

ويجاب (أوّلًا) بأن هذا مفهوم صفة (٦)، والخلاف في العمل به مشهور بين أئمة الأصول (٧). ومن جملة القائلين بعدم العمل به الحنفية (٨). فكيف يصحُّ احتجاجهم به.


(١) البحر الزخار (٥/ ٢٢٢).
(٢) المغني (١١/ ٤٦٥ - ٤٦٦).
(٣) البناية في شرح الهداية (١٢/ ١٠٤).
(٤) تقدم برقم (٣٠٠١) من كتابنا هذا.
(٥) تقدم برقم (٣٠٠٢) من كتابنا هذا.
(٦) مفهوم الصفة: هو تعليق الحكم على الذات بأحد الأصاف، نحو: "في سائمة الغنم زكاة"، والمراد بالصفة عند الأصوليين تقييد لفظٍ مشترك المعنى بلفظ آخر يختص ببعض معانيه ليس بشرط ولا غاية ولا يريدون به النعت فقط، وهكذا عند أهل البيان، فإن المراد بالصفة عندهم هي المعنوية لا النعت وإنما يخص الصفة بالنعت أهل النحو فقط.
[إرشاد الفحول (ص ٥٩٦)، وتيسير التحرير (١/ ١٠٠)].
(٧) انظر: "البحر المحيط" (٤/ ٣١).
(٨) قال أبو حنيفة وأصحابه، وبعض الشافعية، والمالكية: إنَّه لا يؤخذ به ولا يعمل عليه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>