للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من كتاب عمرو بن حزم هذا، فإن أصحاب رسول الله والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم.

قال الحاكم (١): قد شهد عمر بن عبد العزيز، وإمامُ عصره الزهريُّ بالصحة لهذا الكتاب، ثم ساق ذلك بسنده إليهما وسيأتي لفظ هذا الحديث في أبواب الديات (٢)، هذا غاية ما يمكن الاستدلال به للجمهور.

ومما يقوّي ما ذهبوا إليه قوله : "وهم يقتلون قاتلها"، وسيأتي في باب أن الدم حقّ لجميع الورثة من الرجال والنساء.

ووجهه ما فيه من العموم الشامل للرجل والمرأة. ومما يقوي ما ذهبوا إليه أيضًا أنا قد علمنا: أن الحكمة في شرعية القصاص هي حقن الدماء وحياة النفوس كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ (٣)، وترك الاقتصاص للأنثى من الذكر يفضي إلى إتلاف نفوس الإناث لأمور كثيرة:

(منها): كراهيةُ توريثهنَّ.

(ومنها): مخافة العار لا سيما عند ظهور أدنى شيء منهن لما بقي في القلوب من حمية الجاهلية التي نشأ عنها الوأد.

(ومنها): كونهنَّ مستضعفاتٍ لا يخشى من رام القتل لهنَّ أن يناله من المدافعة ما يناله من الرجال، فلا شكَّ ولا ريب: أن الترخيص في ذلك من أعظم الذرائع المفضية إلى هلاك نفوسهن ولا سيما في مواطن الأعراب المتصفين بغلظ القلوب وشدة الغيرة والأنفة اللاحقة بما كانت عليه الجاهلية.

لا يقال: يلزم مثل هذا في الحرِّ إذا قتل عبدًا، لأن الترخيص في القود يفضي إلى مثل ذلك الأمر. لأنا نقول: هذه المناسبة إنما تعتبر مع عدم معارضتها لما هو مقدم عليها من الأدلة فلا يعمل بها في الاقتياد للعبد من الحرّ لما سلف من الأدلة القاضية بالمنع، ويعمل بها في الاقتياد للأنثى من الذكر لأنها لم تعارض ما هو كذلك، بل جاءت مظاهرة للأدلة القاضية بالثبوت.


(١) في المستدرك (١/ ٣٩٧).
(٢) الباب الأول: باب دية النفس وأعضائها ومنافعها، عند الحديث رقم (١/ ٣٠٥٥).
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>