للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (إن قتله فهو مثله)، قد استشكل هذا بعد إذنه بالاقتصاص وإقرار القاتل القتل على الصفة المذكورة، والأولى حمل هذا المطلق على المقيد بأنه لم يرد قتله بذلك الفعل.

قال المصنف (١) رحمه الله تعالى: وقال ابن قتيبة في قوله: "إن قتله فهو مثله" لم يرد أنه مثله في المأثم، وكيف يريده والقصاص مباح؟ ولكن أحبّ له العفو فعرَّض تعريضًا أوهمه به أنه إن قتله كان مثله في الإثم ليعفو عنه، وكان مراده أنه يقتل نفسًا كما أن الأوّل قتل نفسًا، وإن كان الأوّل ظالمًا والآخر مقتصًا.

وقيل: معناه كان مثله في حكم البواء، فصارا متساويين لا فضل للمقتصّ إذا استوفى على المقتصّ منه.

وقيل: أراد ردعه عن قتله، لأن القاتل ادَّعى أنه لم يقصد قتله، فلو قتله الوليّ كان في وجوب القود عليه مثله لو ثبت منه قصد القتل.

يدلّ عليه ما روى أبو هريرة قال: "قتل رجل في عهد رسول الله فدفع القاتل إلى وليه، فقال القاتل: يا رسول الله، والله ما أردت قتله، فقال النبيّ : أما إنه إن كان صادقًا فقتلته دخلت النار، فخلاه الرجل وكان مكتوفًا بنسعة فخرج يجرّ نسعته، قال: فكان يسمى ذا النسعة"، رواه أبو داود (٢) وابن ماجه (٣) والترمذي (٤) وصححه. انتهى.

وأخرج هذا الحديث أيضًا النسائي (٥) وهو مشتمل على زيادة وهي: تقييد الإقرار بأنه لم يرد القتل بذلك الفعل فيتعين قبولها، ويحمل المطلق على المقيد كما تقدم فيكون عدم قصد القتل موجبًا لكون القتل خطأ، ولكنه يشكل على قول


= ورق الثمر بأن يضرب الشجر بالعصا فيسقط ورقه فيجمعه علفًا.
(١) ابن تيمية الجد في "المنتقى" (٢/ ٦٨٤ - ٦٨٥).
(٢) في سننه رقم (٤٤٩٨).
(٣) في سننه رقم (٢٦٩٠).
(٤) في سننه رقم (١٤٠٧) وقال: حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
(٥) في السنن رقم (٤٧٢٢) بسند صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>