للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(منها): أنَّ البينة على المدَّعي واليمينَ على المنكر في أصل الشرع.

(ومنها): أن اليمين لا يجوز إلا على ما علمه الإنسان قطعًا بالمشاهدة الحسيَّة أو ما يقوم مقامها.

وأيضًا لم يكن في حديث الباب حكم بالقسامة، وإنما كانت القسامة من أحكام الجاهلية فتلطف لهم النبيّ ليريهم كيف بطلانها، وإلى عدم ثبوت القسامة أيضًا ذهب الناصر كما حكاه عنه صاحب البحر (١).

وأجيب: بأنَّ القسامة أصلٌ من أصول الشريعة مستقلٌّ لورود الدليل بها، فتخصص بها الأدلة العامة، وفيها حفظٌ للدماء وزجر للمعتدين، ولا يحلُّ طرح سنةٍ خاصةٍ لأجل سنةٍ عامة، وعدم الحكم في حديث سهل بن أبي حثمة (٢) لا يستلزم عدم الحكم مطلقًا، فإنه قد عرض على المتخاصمين اليمين، وقال: "إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يأذنوا بحرب" كما في رواية متفق عليها (٣)، وهو لا يعرض إلا ما كان شرعًا.

وأمَّا دعوى أنه قال ذلك للتلطف بهم وإنزالهم من حكم الجاهلية فباطلة، كيف وفي حديث أبي سلمة (٤) المذكور في الباب أن النبي أقرّ القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية، وقد قدمنا صفة الواقعة التي وقعت لأبي طالب مع قاتل الهاشمي.

وقد أخرج أحمد (٥) والبيهقي (٦) عن أبي سعيد قال: "وجد رسول الله


(١) البحر الزخار (٥/ ٢٩٧).
(٢) تقدم برقم (٣٠٣٣) من كتابنا هذا.
(٣) البخاري رقم (٧١٩٢) ومسلم برقم (٦/ ١٦٦٩).
(٤) تقدم برقم (٣٠٣٢) من كتابنا هذا.
(٥) في المسند (٣/ ٣٩).
(٦) في السنن الكبرى (٨/ ١٢٦).
قلت: وأخرجه البزار رقم (١٥٣٤ - كشف) والعقيلي في "الضعفاء" (١/ ٧٦) وابن عدي في "الكامل" (١/ ٢٨٧) من طرق.
إسناده ضعيف جدًّا، لضعف أبي إسرائيل الملائي الكوفي، وعطية بن سعد العوفي.
وتابع أبا إسرائيل، الصبيُّ بنُ الأشعث السلولي، عند ابن عدي، في الكامل (٤/ ١٤١١) عنه، عن عطية، به مرفوعًا.
قلت: الصبيُّ صاحب مناكير، وهذا الحديث أحدها كما صرح بذلك ابن عدي.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف جدًّا، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>