للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأيدي والأرجل بالافتراء، لأن معظم الأفعال يقع بهما إذا كانت هي العوامل، والحوامل للمباشرة والسعي، ولذا يسمون الصنائع: الأيادي.

وقد يعاقب الرجل بجناية قولية فيقال: هذا بما كسبت يداك.

ويحتمل أن يكون المراد: لا تبهتوا الناس كفاحًا وبعضكم يشاهد بعضًا كما يقال: قلت كذا بين يدي فلان. قاله الخطابي (١).

وقد تعقب بذكر الأرجل. وأجاب الكرماني (٢): بأنَّ المراد: الأيدي، وذكر الأرجل للتأكيد ومحصله: أن ذكر الأرجل إن لم يكن مقتضيًا فليس بمانع، ويحتمل أن يكون المراد بما بين [الأرجل والأيدي] (٣) القلب؛ لأنه هو الذي يترجم اللسان عنه، فلذلك نسب إليه الافتراء.

وقال أبو محمد بن أبي جمرة (٤): يحتمل أن يكون قوله: "بين أيديكم": أي في الحال. وقوله: "وأرجلكم" أي في المستقبل لأن السعي من أفعال الأرجل.

وقال غيره: أصل هذا كان في بيعة النساء وكنى به كما قال الهروي (٥) عن نسبة المرأة الولد الذي تزني به أو تلقطه إلى زوجها، ثم لما استعمل هذا اللفظ في بيعة الرجال احتيج إلى حمله على غير ما ورد فيه أولًا.

قوله: (ولا تعصوا في معروفٍ) هو ما عرف من الشارع حسنه نهيًا وأمرًا.

قال النووي (٦): يحتمل أن يكون المراد ولا تعصوني ولا أحدًا ولي الأمر عليكم في المعروف، فيكون التقييد بالمعروف متعلقًا بشيء بعده.

وقال غيره (٦): نبه بذلك على أن طاعة المخلوق إنما تجب فيما كان غير معصية لله فهي جديرة بالتوقي في معصية الله.


(١) في كتابه "أعلام الحديث" (١/ ١٥٢).
(٢) في شرحه لصحيح البخاري (١/ ١٠٦).
(٣) في المخطوط (ب): (الأيدي والأرجل).
(٤) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١/ ٦٥).
(٥) في "الغريبين في القرآن والحديث" (١/ ٢٢٥).
(٦) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>