للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فَمَنْ وفى منكم) أي: ثبتَ على العهد، ولفظ "وفى" بالتخفيف، وفي رواية بالتشديد وهما بمعنًى.

قوله: (فأجره على الله) هذا على سبيل التفخيم (لأنه لما ذكرَ المبالغةَ المقتضيةَ لوجودِ العوضِ أثبتَ ذكرَ الأجرِ) (١).

وقد وقع التصريح في رواية في الصحيحين (٢) بالعوض فقال: بالجنة.

قوله: (ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به فهو) أي العقاب (كفارةٌ له).

قال النووي (٣): عموم هذا الحديث مخصوص بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ (٤)، فالمرتدُّ إذا قُتِل على ارتداده لا يكون القتلُ [له كفارة] (٥).

قال الحافظ (٦): وهذا بناءً على أن قوله: "من ذلك شيئًا" يتناول جميع ما ذكر وهو ظاهر.

وقد قيل: يحتمل أن يكون المراد ما ذكر بعد الشرك، بقرينة أن المخاطب بذلك المسلمون فلا يدخل حتى يحتاج إلى إخراجه.

ويؤيده رواية مسلم (٧) من طريق أبي الأشعث، عن عبادة في هذا الحديث: "ومن أتى منكم حدًا" إذ القتل على الشرك لا يسمى حدًّا.

ويجاب بأن خطاب المسلمين لا يمنع التحذير لهم من الإشراك.

وأما كون القتل على الشرك لا يسمَّى حدًّا فإن أراد لغةً، أو شرعًا فممنوع، وإن أراد عرفًا فذلك غير نافع، فالصواب ما قاله النووي.

وقال الطيبي (٨): الحقُّ أن المراد بالشرك: الشركُ الأصغر، وهو الرياء، ويدلُّ عليه: تنكير "شيئًا"، أي: شركًا أيًا ما كان.


(١) في "الفتح" (١/ ٦٥): (لأنه لما ذكر المبايعة المقتضية لوجود العوضين أثبت ذكرَ الأجرِ في موضع أحدهما).
وفي حاشية المخطوط (ب): تنبيه على ذلك.
(٢) البخاري رقم (٣٨٩٣) و (٦٨٧٣) ومسلم رقم (٤٤/ ١٧٠٩).
(٣) في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ٢٢٣).
(٤) سورة النساء، الآية (٤٨).
(٥) في المخطوط (ب): (كفارة).
(٦) في "الفتح" (١/ ٦٥).
(٧) في صحيحه برقم (٤٣/ ١٧٠٩).
(٨) في شرحه على المشكاة المسمّى (الكاشف عن حقائق السنن): (١/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>