للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قدَّمنا الكلام المتعلق بفقه أكثر هذه الأحاديث في شرح حديث عمرو بن حزم المذكور في أول الباب (١)، ونتكلم الآن على ما لم يذكر هنالك.

قوله: (فنصف العقل) أي الدية.

قوله: (هذه وهذه سواء … إلخ) هذا نصٌّ صريحٌ يردُّ القول بالتفاضل بين الأصابع، ولا أعرف مخالفًا من أهل العلم لما يقتضيه إلا ما روي عن عمر (٢) ومجاهد (٣)، وقد قدَّمنا أنه روي عن عمر الرجوع.

قوله: (الأسنانُ سواءٌ) [هذه] (٤) جملة مستقلة؛ لفظ الأسنان فيها مبتدأ ولفظ سواءٌ خبره، وقوله: "الثنية" مبتدأ، والضرس مبتدأ آخر والخبر عنهما قوله: "سواء".

وإنما تعرضنا لمثل هذا مع وضوحه لأنه ربما ظُنَّ أن سواء الأولى بمعنى غير، وأنَّ الخبر عن الأسنان هو سواء الثانية، ويكون التقدير: الأسنان غير الثنية والضرس سواء، ولا شكَّ أن هذا غيرُ مراد، بل المراد: الحكم على جميع الأسنان التي يدخل تحتها الثنيةُ والضرسُ بالاستواء والتنصيص على الثنية، والضرس: إنما هو لدفع توهم عدم دخولهما تحت الأسنان، ولهذا اقتصر في الرواية الثانية على قوله: "الأسنان سواء".

وبهذا يندفع قول من ذهب إلى تفضيل الثنيَّة والضِّرس من الصحابة وغيرهم، وقولُ من حكم في الأسنان بأحكام مختلفة كما سلف.


(١) تقدم عند الحديث رقم (٣٠٥٥) من كتابنا هذا.
(٢) أخرج عبد الرزاق في "المصنف" (٩/ ٣٨٤ رقم ١٧٦٩٨).
عن سعيد بن المسيب، أن عمر جعل في الإبهام خمس عشرة، وفي السبابة عشرًا، وفي الوسطى عشرًا، وفي البنصر تسعًا، وفى الخنصر ستًا، حتى وجدنا كتابًا عند آل حزم عن رسول الله أن الأصابع كلها سواءٌ، فأُخذ به".
قلت: وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٩٣).
(٣) أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (٩/ ١٩٥ رقم ٧٠٥٥).
عن أبي نجيح عن مجاهد قال: في الإبهام خمس عشرة، وفي التي تليها عشر، وفي التي تليها ثمان، وفي التي تليها سبع.
(٤) في المخطوط (ب): هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>