للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقبل الله الصلاة من دونه" (١) وقوله: "ويل للأعقاب من النار" (٢) قالوا: والأخبار بمسح الخفين منسوخة بالمائدة.

وأجيب عن ذلك، أما الآية فقد ثبت عنه المسح بعدها كما في حديث جرير المذكور في الباب (٣). وأما حديث "واغسل [رجلك] (٤) "فغاية ما فيه الأمر بالغسل وليس فيه ما يشعر بالقصر، ولو سلم وجود ما يدل على ذلك لكان مخصصًا بأحاديث المسح المتواترة. وأما حديثه: "لا يقبل الله الصلاة بدونه" فلا ينتهض للاحتجاج به، فكيف يصلح لمعارضة الأحاديث المتواترة مع أنا لم نجده بهذا اللفظ من وجه يعتد به. وأما حديث "ويل للأعقاب من النار" فهو وعيد لمن مسح رجله ولم يغسلها، ولم يرد في المسح على الخفين. فإن قلت: هو عام فلا يقصر على السبب. قلت: لا نسلم شموله لمن مسح على الخفين، فإنه يدع رجله كلها، ولا يدع العقب فقط سلمنا فأحاديث المسح على الخفين مخصصة للماسح من ذلك الوعيد.

وأَما دعوى النسخ فالجواب أن الآية عامة مطلقًا باعتبار حالتي لبس الخف وعدمه، فتكون أحاديث الخفين مخصصة أو مقيدة فلا نسخ. وقد تقرر في الأصول رجحان القول ببناء العام على الخاص مطلقًا. وأما من يذهب إلى أن العام المتأخر ناسخ، فلا يتم له ذلك إلا بعد تصحيح تأخر الآية وعدم وقوع المسح بعدها.

وحديث جرير (٥) نص في موضع النزاع، والقدح في جرير بأنه فارق عليًا ممنوع فإفه لم يفارقه، وإنما أحتبس عنه بعد إرساله إلى معاوية لأعذار. على أنه قد نقل الإِمام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير الإِجماع على قبول رواية فاسق


(١) أخرجه أبو داود (١/ ٥٣٦ - ٥٣٧ رقم ٨٥٨) وابن ماجه (١/ ١٥٦ رقم ٤٦٠) عن رفاعة بن رافع قال: قال رسول الله : "إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله ﷿: فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين … ". وهو حديث صحيح.
(٢) حديث صحيح تقدم تخريجه رقم (٤٤/ ٢٠٦) و (٤٥/ ٢٠٧) و (٤٦/ ٢٠٨) و (٤٧/ ٢٠٩) من كتابنا هذا.
(٣) رقم (١/ ٢٢٣) من كتابنا هذا.
(٤) في (ب): (رجليك).
(٥) وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه رقم (١/ ٢٢٣) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>