الجماعة الذين ازدحموا على البئر، وتدافعوا ذلك المقدار، ثم يقسم على تلك الصفة، فيعطي الأول من المتردين ربع الدية، ويهدر من دمه ثلاثة أرباع، لأنَّه هلك بفعل المزدحمين، وبفعل نفسه، وهو جذبه لمن بجنبه، فكأنَّ موته وقع بمجموع الازدحام، ووقع الثلاثة الأنفار عليه، ونزل الازدحام منزلة سبب واحد من الأسباب التي كان بها موته، ووقوع الثلاثة عليه، منزلة ثلاثة أسباب، فهدر من ديته ثلاثة أرباع، واستحق الثاني ثلث الدية لأنه هلك بمجموع الجذب المتسبب عن الازدحام ووقوع الاثنين عليه، ونزل الازدحام منزلة سبب واحد، ووقوع الاثنين عليه منزلة سببين فهدر من دمه الثلثان؛ لأن وقوع الاثنين عليه كان بسببه، واستحقّ الثالث نصف الدية لأنه هلك بمجموع الجذب ممن تحته المتسبب عن الازدحام وبوقوع من فوقه عليه، وهو واحد، وسقط نصف ديته ولزم نصفها، والرابع كان هلاكه بمجرّد الجذب له فقط فكان مستحقًا للدية كاملة، ولم يجعل الجناية التي وقعت من الأسد عليهم حكم جناية من تضمن جنايته حتى ينظر في مقدار ما شاركها من الوقوع الذي كان هلاك الواقعين بمجموعهما.
والمعروفُ في كتب الفقه: أنَّهُ إذا تجاذبَ جماعة في بئر بأن سقط الأول، ثمَّ جذبَ من بجنبهِ فوقعَ عليه، ثمَّ كذلك، حتى صارَ الواقعونَ في البئر مثلًا أربعةً فإنَّهُ يُهدرُ من الأول سقوطُ الثاني عليه؛ لأنَّهُ بسببهِ وهو ربعُ الدية، ويضمنُ الحافرُ ربعَ ديتهِ، والثالثُ [والرابع](١) نصفها، ويُهدرُ من الثاني سقوطُ الثالث عليه، وحصَّتهُ ثلث ديتِه، ويضمنُ الأول ثلثَ ديتهِ، والثالثُ ثلثها، ويهدرُ من الثالثِ وقوعُ الرابع عليه، وحصَّتهُ نصفُ الدِّيةِ، ويضمن الثاني نصفَها، ويضمنُ الثالثُ جميعَ ديةِ الرابع.
هذا إذا هلكوا بمجموع الوقوع في البئر، وصدم بعضهم لبعض.
وأما إذا لم يتصادموا بل تجاذبوا ووقع كلُّ واحدٍ منهم بجانب من البئر غير جانبِ صاحبه فإنها تكون دية الأول على الحافر، ودية الثاني على الأول، ودية الثالث على الثاني، ودية الرابع على الثالث.