للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدِكم فَلْيجلِدْهَا" الحديث (١).

وهذا الاستدلال من الغرائب، فإن عدم ذكر التغريب في آية الجلد لا يدل على مطلق العدم.

وقد ذكر التغريب في الأحاديث الصحيحة الثابتة باتفاق أهل العلم بالحديث من طريق جماعة من الصحابة بعضها ذكره المصنف في الباب وبعضها لم يذكر، وليس بين هذا الذكر وبين عدمه في الآية منافاة، وما أشبه هذا الاستدلال بما استدل به الخوارج على عدم ثبوت رجم المحصن فقالوا: لأنه لم يذكر في كتاب الله.

وأغرب من هذا استدلاله بعدم ذكر التغريب في قوله: "إذا زنت أمة أحدكم" (١).

والحاصل أن أحاديث التغريب قد جاوزت حدَّ الشهرة المعتبرة عند الحنفية (٢) فيما ورد من السنة زائدًا على القرآن فليس لهم معذرة عنها بذلك، وقد عملوا بما هو دونها بمراحل كحديث نقض الوضوء بالقهقهة (٢)، وحديث جواز الوضوء بالنبيذ (٣)، وهما زيادة على ما في القرآن، وليس هذه الزيادة مما يخرج بها المزيد عليه عن أن يكون مجزئًا حتى تتجه دعوى النسخ.

وقد أجاب صاحب البحر (٤) عن أحاديث التغريب بأنه عقوبة لا حدّ، ويجاب عن ذلك القول بموجبه، فإن الحدود كلها عقوبات والنزاع في ثبوته لا في مجرد التسمية.

وأما الاستدلال بحديث سهل بن سعد عند أبي داود (٥): "أن رجلًا من


(١) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٢٩٤) والبخاري رقم (٢١٥٢) ومسلم رقم (٣٠/ ١٧٠٣).
(٢) البناية في شرح الهداية (١/ ٢٢٦ - ٢٢٧).
(٣) البناية في شرح الهداية (١/ ٤٦٣ - ٤٦٤).
(٤) البحر الزخار (٥/ ١٤٧ - ١٤٨).
(٥) في السنن رقم (٤٤٣٧). وهو حديث صحيح، ولفظه: "أن رجلًا أتاهُ فأقرَّ عنده أنه زنى بامرأة سماها له فبعث رسول الله إلى المرأة فسألها عن ذلك فأنكرت أن تكون زنت فجلده الحدَّ وتركها.
وأما اللفظ الذي ذكره الشوكاني فهو عند أبي داود برقم (٤٤٦٧) من حديث ابن عباس.
وهو حديث منكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>