للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بكر بن ليث أقرَّ للنبيِّ أنه زنى بامرأةٍ، وكان بكرًا فجلده النبيُّ مائة، وسأله البينة على المرأة إذ كذبته فلم يأت بشيء فجلده حد الفرية ثمانين جلدة".

قالوا: ولو كان التغريب واجبًا لما أخلَّ به النبيُّ ، فيجاب عنه باحتمال أن يكون ذلك قبل مشروعية التغريب.

غاية الأمر: احتمال تقدمه وتأخره على أحاديث التغريب، والمتوجه عند ذلك المصير إلى الزيادة التي لم تقع منافية للمزيد، ولا يصلح ذلك للصرف عن [الوجوب] (١) إلا على فرض تأخره ولم يعلم.

وهكذا يقال في حديث: "إذا زنت أمة أحدكم" المتقدم (٢). وبه يندفع ما قاله الطحاوي (٣) من أنه ناسخ للتغريب معللًا ذلك بأنه إذا سقط عن الأمة سقط عن الحرة لأنها في معناها.

قال: ويتأكد ذلك بأحاديث: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" (٤)، وقد تقدمت (٥).

قال: وإذا انتفى عن النساء انتفى عن الرجال.

قال: وهو مبني على أن العموم إذا خص سقط الاستدلال به وهو مذهب ضعيف (٦). انتهى.

وغاية الأمر أنا لو سلمنا تأخُّر حديث الأَمَة عن أحاديث التغريب كان معظم ما يستفاد منه: أن التغريب في حقِّ الإماء ليس بواجب، ولا يلزم ثبوت مثل ذلك في حقِّ غيرها، أو يقال: إنَّ حديث الأمة المذكور مخصصٌ لعموم أحاديث التغريب مطلقًا على ما هو الحقُّ من أنه يبني العامُّ على الخاصِّ؛ تقدم، أو تأخر، أو قارن.

ولكن ذلك التخصيص باعتبار عدم الوجوب في الخاصِّ لا باعتبار عدم الثبوت مطلقًا، فإن مجرَّد الترك لا يفيد مثل ذلك.


(١) في المخطوط (ب): (الواجب).
(٢) تقدم آنفًا (ص ٢٣٢).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٢/ ١٥٧).
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ١٨٢) والبخاري رقم (١٨٦٢) ومسلم رقم (٤٢٤/ ١٣٤١).
(٥) تقدمت برقم (١٨٠٢ و ١٨٠٣، ١٨٠٤، ١٨٠٥) من كتابنا هذا.
(٦) إرشاد الفحول (ص ٤٦٦ - ٤٦٧) بتحقيقي والبحر المحيط (٣/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>