للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب مالك (١) والحنفية (٢) والشافعية (٣) وجمهور العلماء (٤) إلى أنه لا يجلد المحصن بل يرجم فقط، وهو مروي عن أحمد بن حنبل (٥).

وتمسَّكوا بحديث سمرة (٦) في أنه لم يجلد ماعزًا بل اقتصر على رجمه، قالوا: وهو متأخر عن أحاديث الجلد فيكون ناسخًا لحديث عبادة (٧) المذكور.

ويجاب بمنع التأخر المدعى فلا يصلح ترك جلد ماعز للنسخ لأنه فرع التأخر، ولم يثبت ما يدل على ذلك، ومع عدم ثبوت تأخره لا يكون ذلك الترك مقتضيًا لإبطال الجلد الذي أثبته القرآن على كل من زنى.

ولا ريب أنه يصدق على المحصن أنه زان فكيف إذا انضم إلى ذلك من السنة ما هو صريح في الجمع بين الجلد والرجم للمحصن كحديث عبادة (٧) المذكور، ولا سيما وهو في مقام البيان والتعليم لأحكام الشرع على العموم بعد أن أمر الناس في ذلك المقام بأخذ ذلك الحكم عنه فقال: "خذوا عني خذوا عني" (٧)، فلا يصح الاحتجاج بعد نص الكتاب والسنة بسكوته في بعض المواطن أو عدم بيانه لذلك أو إهماله للأمر به.

وغاية ما في حديث سمرة (٦) أنه لم يتعرض لذكر جلده لماعز ومجرد هذا لا ينتهض لمعارضة ما هو في رتبته، فكيف بما بينه وبينه ما بين السماء والأرض.

وقد تقرر أن المثبت أولى من النافي (٨).

ولا سيما كون المقام مما يجوز فيه أن الراوي ترك ذكر الجلد لكونه معلومًا من الكتاب والسنة.


(١) عيون المجالس (٥/ ٢٠٨٧ رقم المسألة ١٥٠٦).
والتهذيب في اختصار المدونة (٤/ ٤٠٢ - ٤٠٣).
(٢) انظر: الإشراف على مذاهب أهل العلم (٢/ ٨).
(٣) البيان للعمراني (١٢/ ٣٤٩).
(٤) الفتح (١٢/ ١١٨) والمغني (١٢/ ٣١٣).
(٥) المغني (٣٢/ ٣١١ - ٣١٤).
(٦) تقدم برقم (٣٠٩٧) من كتابنا هذا.
(٧) تقدم برقم (٣٠٩٥) من كتابنا هذا.
(٨) إرشاد الفحول (ص ٩١٦) بتحقيقي، والبحر المحيط (٦/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>