للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فإني أدخلتهما طاهرتين) هو يدل على اشتراط الطهارة في اللبس لتعليله عدم النزع بإدخالهما طاهرتين وهو مقتض أن إدخالهما غير طاهرتين يقتضي النزع، وقد ذهب إلى ذلك الشافعي (١) ومالك (٢) وأحمد (٣) وإسحق. وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري ويحيى بن آدم والمزني وأبو ثور وداود (٤): يجوز اللبس على حدث ثم يكمل طهارته، والجمهور حملوا الطهارة على الشرعية وخالفهم داود فقال: المراد إذا لم يكن على رجليه نجاسة. وقد استدل به على أن إكمال الطهارة فيهما شرط حتى لو غسل أحدهما وأدخلها الخف ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف لم يجز المسح، صرح بذلك النووي (٥) وغيره.

قال في الفتح (٦): "عند الأكثر، وأجاز الثوري والكوفيون والمزني ومطرف وابن المنذر وغيرهم أنه يجزيء المسح إذا غسل أحدهما وأدخلها الخف ثم الأخرى لصدق أنه أدخل كلًا من رجليه الخف وهي طاهرة، وتعقب بأن الحكم المرتب على التثنية غير الحكم المرتب على الوحدة واستضعفه ابن دقيق العيد لأن الاحتمال باق. قال: لكن إن ضم إليه دليل يدل على أن الطهارة لا تتبعض، اتجه".

وصرح بأنه لا يمتنع أن يعبر بهذه العبارة عن كون كل واحد منهما أدخلت طاهرة قال: بل ربما يدعي أنه ظاهر في ذلك، فإن الضمير في قوله: أدخلتهما يقتضي تعليق الحكم بكل واحدة منهما، نعم من روى "فإني أدخلتهما وهما طاهرتان" قد يتمسك بروايته هذا القائل من حيث إن قوله: أدخلتهما [يقتضى] (٧) كل واحدة منهما فقوله: "وهما طاهرتان" يصير حالًا من كل واحدة فيكون التقدير أدخلت كل واحدة منهما حال [طهارتهما] (٨).


(١) انظر: "حلية العلماء" (١/ ١٧٠).
(٢) انظر: "الهداية" لأبي الخطاب (١/ ١٥).
(٣) انظر: "المغني" (١/ ٣٦١) والإنصاف (١/ ١٧١ - ١٧٢) و"المبدع" (١/ ١٣٨ - ١٣٩).
(٤) انظر: "المحلى" (٢/ ١٠٠ مسألة ٢١٥).
(٥) في "المجموع" (١/ ٥٤٠ - ٥٤١).
(٦) (١/ ٣١٠).
(٧) في (جـ): (إذا اقتضى).
(٨) في (ب): (طهارتها).

<<  <  ج: ص:  >  >>