للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قبل إمارة عمر وبعدها وردت به الروايات الصحيحة، ولم يثبت عن النبي الاقتصار على مقدار معيَّن، بل جلد تارةً بالجريد، وتارةً بالنعالِ، وتارةً بهما فقط، وتارةً بهما مع الثياب، وتارة بالأيدي والنعال، والمنقول من المقادير في ذلك: إنما هو بطريق التخمين، ولهذا قال أنس: نحو أربعين، والجزم المذكور في رواية عليّ بالأربعين يعارضه ما سيأتي من أنه ليس في ذلك عن النبي [] (١) سنة، فالأولى الاقتصار على ما ورد عن الشارع من الأفعال وتكون جميعها جائزةً فأيها وقع؛ فقد حصل به الجلد المشروع الذي أرشدنا إليه بالفعل والقول كما في حديث: "من شرب الخمر فاجلدوه"، وسيأتي (٢).

فالجلد المأمور به هو الجلد الذي وقع منه ومن الصحابة بين يديه، ولا دليل يقتضي تحتم مقدار معين لا يجوز غيره.

لا يقال: الزيادة مقبولةٌ فيتعين المصير إليها، وهي رواية الثمانين. لأنا نقول: هي زيادة شاذةٌ لم يذكرها إلا ابن دحية (٣)، فإنه قال في كتاب (وهج الجمر في تحريم الخمر): صح عن عمر أنه قال: لقد هممت أن أكتب في المصحف أن رسول الله جلد في الخمر ثمانين.

وقد قال الحافظ في التلخيص (٤): إنه لم يسبق ابن دحية إلى تصحيحه.

وحكى ابن الطلاع (٣) أن في مصنف عبد الرزاق (٥): "أنه جلد في الخمر أربعين".

وورد من طريق لا تصح أنه جلد ثمانين (٦). انتهى.

وهكذا ما رواه أبو داود (٧) من حديث عبد الرحمن بن أزهر أنه أمر بجلد الشارب أربعين، فإنه قال ابن أبي حاتم في العلل (٨): سألت أبي عنه فقال:


(١) زيادة من المخطوط (ب).
(٢) يأتي برقم (٣١٧٦) من كتابنا هذا.
(٣) حكاه عنه الحافظ في "التلخيص" (٤/ ١٤٣).
(٤) (٤/ ١٤٣).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (١٣٥٤٥).
(٦) أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (١٣٥٤٧).
(٧) في سننه رقم (٤٤٨٩).
(٨) العلل لابن أبي حاتم (١/ ٤٤٦ - ٤٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>