للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد حكى النووي (١) الإجماع على ذلك، وفيه نظر، فإنه قد قال أبو حنيفة (٢) وابن أبي ليلى: إنها تجب الدية على العاقلة، كما حكاه في البحر (٣).

وأجابا: بأنَّ عليًا لم يرفع هذه المقالة إلى النبي ، بل أخرجها مخرج الاجتهاد.

وكذلك يجاب عن رواية عبيد بن عمير: "أنَّ عليًا وعمر قالا: من مات من حدِّ أو قِصاصٍ فلا دية له، الحقُّ قَتَلَهُ"، ورواه بنحوه ابن المنذر (٤) عن أبي بكر.

واحتجَّا بأن اجتهاد بعض الصحابة لا يجوز به إهدار دم امرئٍ مُسلم مجمعٍ على أنه لا يهدر.

وقد أجيب عن هذا: بأن الهدر ما ذهب بلا مقابل له، ودَم المحدود مقابل للذنب.

ورد: بأنَّ المقابل للذنب عقوبة لا تفضي إلى القتل.

وتعقب هذا الردُّ: بأنه تسبب بالذنب إلى ما يفضي إلى القتل في بعض الأحوال، فلا ضمان.

وأما من مات بتعزير فذهب الجمهور (٥) إلى أنه يضمنه الإمام.

وذهبت الهادوية (٦) إلى أنه لا شيء فيه كالحد.

وحكى النووي (٧) عن الجمهور من العلماء أنه لا ضمان فيمن مات بتعزير لا على الإمام، ولا على عاقلته، ولا في بيت المال.


(١) في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ٢٢١).
(٢) قال أبو محمد بن غانم بن محمد البغدادي في "مجمع الضمانات" في مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان (١/ ٤٤٧): "١٧٨٨ - إذا وجب على رجل حدّ أو تعزير، فجلده الإمام أو عزره فمات، فدمه هدر … بخلاف الزوج إذا عزر زوجته فيما يجوز له تعزيرها، حيث يضمن كما في "الهداية" و"الكنز".
والأصل فيه أن الواجب لا يتقيد بوصف السلامة والمباح يتقيد بها. وفعل الإمام من قبيل الأول. وفعل الزوج من قبيل الثاني. وتمام الكلام في فروع هذا الأصل في التعزير من الزيلعي، وذكرنا عن الأشباه طرفًا منه في الجنايات". اهـ.
(٣) البحر الزخار (٥/ ١٩٦).
(٤) الإشراف له (٢/ ٨٧ رقم ١٢٤٤).
(٥) المغني (١٢/ ٥٠٥).
(٦) الاعتصام بحبل الله المتين (٥/ ١٠٣).
(٧) في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>